في تقرير أشبه بجرس إنذار عالمي، حذّرت منظمة العفو الدولية من دخول العالم مرحلة "الانهيار الحقوقي الشامل"، مدفوعةً بما وصفته بـ "تأثير ترامب المدمر"، حيث ساهمت قرارات الإدارة الأمريكية في ولايته الثانية في إشعال فتيل الأزمات الحقوقية، وتعميق الانقسامات، وتقويض القانون الدولي.
وفي استعراضها السنوي لحالة حقوق الإنسان في أكثر من 150 دولة، قالت المنظمة إن عام 2024 مثّل منعطفًا مظلمًا شهد تصعيدًا غير مسبوق في الانتهاكات، من الإبادة الجماعية في غزة، إلى الجرائم ضد الإنسانية في السودان، مرورًا باستهداف المدنيين في أوكرانيا، والتخلي الدولي عن الشعوب المنكوبة.
"أمام أعيننا، تُفكّك المنظومة الدولية لحقوق الإنسان... والحكام الاستبداديون يتكاثرون كالطفيليات" – هكذا وصفت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، المشهد الحقوقي العالمي.
الإبادة في غزة والصمت الدولي
لم تكتفِ المنظمة بالإدانة، بل وصفت ما قامت به إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بـ "الإبادة الجماعية"، مؤكدة أن الجرائم لم تعد تُرتكب في الخفاء بل على مرأى ومسمع من العالم، بينما تتخلى القوى العظمى عن القانون الدولي وتلوذ بصمت مريب.
ترامب، التكنولوجيا، والتوحش الحديث
التقرير يربط بين تراجع الحقوق الرقمية و"التحالف الخطر" بين إدارة ترامب وعمالقة التكنولوجيا، إذ تم التراجع عن إجراءات حماية المحتوى، وتفكيك أنظمة التحقق من المعلومات، ما سمح بانتشار الكراهية والمعلومات المضللة على نطاق واسع، في ظل نظام عالمي يسير بثبات نحو الاستبداد الرقمي.
من دارفور إلى أوكرانيا: الدم في كل مكان
في السودان، تستمر قوات الدعم السريع في ارتكاب فظائع جنسية بحق النساء والفتيات، وصلت إلى حدّ الجرائم ضد الإنسانية، وسط تجاهل عالمي مهين، بينما تضاعفت الضربات الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا، متجاوزةً حصيلة العام السابق.
العدالة تصرخ: تحرك دول الجنوب
رغم السواد المخيم، أشاد التقرير بجهود دول الجنوب التي لم تصمت. فقد رفعت جنوب إفريقيا دعوى تاريخية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وأُنشئت "مجموعة لاهاي" لمنع تصدير السلاح لها. كما صمدت المحكمة الجنائية الدولية في وجه عقوبات إدارة ترامب ضد مدّعيها العام.
هل انتهى زمن الحقوق؟
في ختام التقرير، دعت العفو الدولية إلى عدم الاستسلام، مشددة على أن التاريخ لم يخلُ يومًا من حركات مقاومة وشعوب رفضت القهر.
"الحقوق تُنتزع، لا تُمنح... والكرامة لا تُفاوض"، تقول كالامار، معلنة أن النضال مستمر، مهما بدا الطريق معتمًا.