في الدورة العاشرة من صالون سوسة الدولي للكتاب، تحوّل الجناح رقم 20 إلى نقطة إشعاع ثقافي بامتياز. لم يكن مجرّد مساحة عرض كتب، بل مختبرًا للإبداع والتجديد قاده شابّان جمعتهما الرغبة في كسر التقاليد السائدة في معارض الكتب: حسام الكيلاني (عن شركة لوغوس للنشر والتوزيع) ومروان مرزوقي (عن Livre Plus). لقد قدّما نموذجًا مختلفًا للمشاركة، يزاوج بين الفكر والمؤسسة، بين الترويج والإقناع، وبين النشر وتكوين جمهور قارئ جديد.
🧠 ما وراء الجناح... فلسفة جديدة للتوزيع والتواصل
أكثر ما لفت انتباه زوّار الصالون لم يكن فقط حجم الجناح وأناقته، بل الجو الذي طغى عليه: جلسات مفتوحة، لقاءات توقيع ديناميكية، جمهور متنوّع من مختلف الأعمار والاختصاصات، حضور طلاب، أساتذة، مبدعين وأسر كاملة.
يقول أحد الزوّار:
"كان الجناح يشبه مقهى فكريًا لا مجرّد ركن لبيع الكتب... كان الناس يأتون من أجل التفاعل وليس فقط الشراء".
هذه الروح لم تكن وليدة الصدفة، بل تعبّر عن رؤية جديدة يحملها مؤسسا الشركتين: الكتاب ليس سلعة جامدة، بل مناسبة للّقاء والتبادل والتحفيز الفكري.
✨ محتوى متميّز... توقيعات نوعية
لم تقتصر المشاركة على الشكل، بل امتدّت إلى محتوى غنيّ وراقي من خلال حفلات توقيع ناجحة، أُعدّت بدقّة ودون اجترار للأنماط القديمة. على رأسها:
- الدكتور الحبيب سريوي: أعمال فكرية حازت اهتمام المثقفين والطلبة.
- الدكتور والمترجم مروان الكيلاني: تقديم ترجمات لافتة أعادت النظر في القوالب التقليدية للنقل الثقافي.
- الدكتور ثامر الغزي: إسهام أكاديمي قوي.
- وجوه شبابية مبدعة: من بينها الشاعرة سمر هرشي، الروائية ياسمين خالد، والشاعر أسامة حمري، ما يؤكّد تمسّك الشركتين برعاية المواهب الجديدة.
- تقديم اللقاءات كان بإشراف المفكّر الدكتور مصطفى الكيلاني، ما أعطى بعدًا فكريًا للمناسبة، بدل أن تكون مجرّد استعراض دعائي.
🧭 إقناع وابتكار: عندما يصبح المعرض تجربة ثقافية لا تجارية
اختار حسام الكيلاني ومروان مرزوقي كسر الصورة النمطية لمعارض الكتب، تلك التي ترتكز غالبًا على التكديس والندوات المتكرّرة. بل عمدا إلى:
- تشريك المجتمع: من خلال جعل الجناح مكانًا حيًّا للمناقشة.
- إقناع الزوّار بجدوائية زيارة المعارض: ليس فقط كمستهلكين بل كفاعلين ومشاركين.
- إبراز الثقافة في بُعدها الحيوي: باعتبارها نشاطًا مجتمعيًا لا نخبويا فقط.
🔮 ما بعد الصالون: مشاريع جديدة في الأفق
في ختام المشاركة، أعلنت شركة لوغوس للنشر والتوزيع عن مشاريع قادمة ستُبنى على نجاح هذا النموذج، في ما يبدو أنه انتقال تدريجي من مجرد دار نشر إلى فاعل ثقافي استراتيجي في تونس.
كما لمّح مروان مرزوقي إلى إمكانية تطوير المبادرة نحو مدن أخرى وتنظيم لقاءات خارج الأطر التقليدية للصالونات، مما يفتح الباب لتوسيع تجربة Livre Plus إلى آفاق أكثر قربًا من الناس.
👏 نجاح بنَفَسٍ شبابي ورؤية استثنائية
ما حصل في جناح لوغوس وLivre Plus لا يمكن اختزاله في نجاح لحظي أو ترويج تجاري، بل هو تجربة ثقافية تُبشّر بجيل جديد من الناشرين والمفكرين الذين لا يرضون بالاكتفاء بالعرض، بل يسعون إلى التأثير، والتجديد، وصناعة الوعي.
هنيئًا لهاتين المؤسستين بهذا التألّق، وللثقافة التونسية بمثل هذه المبادرات المتوهّجة بالشغف والإبداع.
