حين تتقاطع الخطوات نحو غاية سامية يصبح الفعل أكثر من مجرد إنجاز مادي، فمشروع إعادة بناء قرية الأطفال SOS بسليانة هو صورة حية لما يمكن أن تفعله الأيادي المتكاتفة حين تتوجه نحو هدف موحد، فهو ليس فقط إعادة بناء جدران وسقوف، بل هو تأسيس لمعنى أعمق يلامس جوهر الإنسانية وامتدادها في فعل العطاء.
مقالات ذات صلة:
تعليق الدروس بسليانة حفاظًا على سلامة التلاميذ بسبب الأحوال الجوية
الثلوج تزين مرتفعات القصرين وسليانة: مشهد شتوي نادر في شمال تونس
أزمة الغاز تضاعف معاناة سكان سليانة في ظل موجة البرد
"مع بعضنا نكملو حلمتنا ونبنو قريتنا" ليس شعارا للاحتفاء بلحظة عابرة، بل رسالة تنبض بحقيقةٍ لا يمكن إنكارها: الأطفال هم نواة الحياة، وبذور المستقبل، ويوم الخامس من فيفري 2025 لن يكون مجرد يوم لإطلاق مشروع، بل محطة للتذكير بمسؤوليتنا تجاه من هم في أمس الحاجة إلينا، فالمسؤولية هنا تتعدى حدود الدعم المادي لتعبر عن رؤية تتأسس على استيعاب قيمة الأمان والانتماء في حياة كل طفل.
هذا البناء الذي يتجاوز الطوب والخرسانة هو تجسيد لمعنى الانتماء الجماعي، فالقرية كما يجدر بها أن تكون هي ملاذ يشعر فيه الإنسان بالأمان والحب وحيث تنبت الأحلام وتكبر، وهكذا يصبح الفعل هنا مشحونا برغبةٍ في تحقيق تغيير حقيقي يمتد أثره لأجيال قادمة.
لذا، فإن حضور كافة شرائح المجتمع في هذا المشروع يبرز أن التغيير ليس عملا فرديا معزولا، بل هو عملية تفاعلية تنبع من التعاون والتآزر، فهذه القرية ليست مكانا فقط، بل فكرة يعاد صياغتها لتكون نقطة انطلاق نحو عالم يحتضن الجميع، وفي كل لبنة توضع هناك رسالة بأن بناء الإنسان يبدأ من رعاية ضعفه ومنح القوة لمن لا يملكها بعد.
كما وان مثل هذه المبادرت تدفعنا للتفكير في دورنا الحقيقي تجاه من يحيطون بنا، فهل يكفي أن نعبر عن تعاطفنا؟ أم أن الأهم هو تحويل هذا الشعور إلى فعل ملموس؟ المشروع هنا لا يمنح الإجابة فقط، بل يقدم نموذجا عمليا عن كيفية توظيف الإرادة المشتركة لخلق أثر دائم.
"مع بعضنا نكملو حلمتنا ونبنو قريتنا" هي دعوة للجميع لإعادة النظر في قيم العطاء والتضامن، فهي ليست مجرد كلمات، بل التزام يعيد تعريف معنى المسؤولية تجاه الأجيال القادمة، وفي هذا اليوم سنشهد أكثر من إعادة بناء قرية، سنشهد بناء أمل جديد، عالم ينمو فيه كل طفل ليجد نفسه محاطا بما يستحقه من حب وكرامة وأمان.