روسيا ورغبتها في التوسط
كان الدور الداعم للاتحاد السوفيتي – بزعامة ستالين عام 1947 – لمطلب الحركة الصهيونية بتأسيس دولة يهودية للمستوطنين في فلسطين دورا مهما وجوهريا في منح الشرعية الدولية لإنشاء «إسرائيل». إذ قدم للمستوطنين اليهود في فلسطين مختلف أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري. متجاهلًا تهجير الكيان الصهيوني قرابة المليون مواطن فلسطيني. لتستمر العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل لما بعد تفككه. ففي العام الماضي احتفلت سفارة روسيا في تلك أبيب في 18 أكتوبر/تشرين الأول بمناسبة مرور ربع قرن على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وإسرائيل.
لكن على الرغم من تلك العلاقات المتينة، وجدنا روسيا على إثر القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس رافضةً له على لسان وزير خارجيتها «سيرغي لافروف»، الذي اعتبر القرار قرارًا منافيًا لجميع الاتفاقات الدولية. وأشار إلى تأييد بلاده لفكرة حل الدولتين، وأن تكون القدس عاصمة مشتركة بينهما، القسم الشرقي عاصمة لفلسطين والقسم الغربي عاصمة لإسرائيل.
وواقع الأمر أن روسيا لا ترغب في قطع علاقتها بتل أبيب. لكنها على الجانب الآخر، ترغب في الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط. ذلك عبر تبني خطاب مختلف من الناحية الشكلية عن المواقف الغربية لاسيما الأمريكية. لذا فموسكو تتبنى «سياسة مسك العصا من الوسط». الأمر الذي لا يجعل لمواقفها بشأن ملف الاستيطان وسياسة القتل والتشريد قيمة أو تأثيرا. ولعل تحركات روسيا في الشرق الأوسط عمومًا تنم عن رغبة روسية للعمل كوسيط بدلًا من الولايات المتحدة. إذ ترى روسيا أن أمريكا وسيط غير محايد نظرًا لعلاقته الوثيقة بالكيان الصهيوني. وبالتالي فإنه لابد من إعطاء الفرصة لمشاركة دول كبرى وإقليمية أخرى في حل قضية السلام بين الفلسطينين والإسرائيلين.