الاتحاد الأوروبي يتحدى ترامب
انتقدت المجموعة الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد) إضافةً إلى ألمانيا في مجلس الأمن الدولي قرار الرئيس الأمريكي، وأكدت في بيان مشترك لها أن القدس الشرقية هي «أراضٍ فلسطينية محتلة». ودعت إلى حتمية أن تكون القدس عاصمة مشتركة بين فلسطين و«إسرائيل».
ربما يرجع الدافع الحقيقي وراء رفض دول الاتحاد الأوروبي للقرار الأمريكي، إلى السلوك العدائي الذي ينتهجه ترامب ضد المجموعة الأوروبية برمتها منذ فوزه في الانتخابات، وتصريحاته المسيئة ضد قادة وزعماء القارة الأوروبية و المناهضة لحلف الأطلسي الذي يعتبره بأنه «قد عفى عليه الزمن». فضلًا عن دعمه لخروج بريطانيا من الاتحاد. الأمر الذي جعل قادة الدول الأوروبية ينظرون إلى شخص ترامب على أنه تحد وتهديد للاتحاد يجب التكاتف من أجل التصدي له.
فالتاريخ يخبرنا أن الصوت الأوروبي قد خبا حتى كاد يختفي مع أفول نجم الإمبراطوريات الأوروبية بنهاية الحرب العالمية الثانية. وانتقل الدور الفعال للولايات المتحدة التي أصبحت اللاعب الأهم على الساحة الدولية. واكتفت دول الاتحاد الأوروبي منذ ذلك الوقت بإصدار بيانات وتصورات نظرية عبرّت من خلالها عن رؤيتها لحل الصراع العربي الإسرائيلي وكيفية إقامة الدولة الفلسطينية.
وأخيرًا، يأتي الرفض الدولي الجامح لقرار ترامب على تأويلات مختلفة، فبين من يراه تعديًا على القانون الدولي، ومواثيق الأمم المتحدة، وهو جنوحٌ أمريكي لفرض واقعٍ بالقوة دون مبالاة. وبين من رآه فرصةً لإعادة البوصلة تجاه القدس، وتصويب مسارات انحرفت مع الربيع العربي، كما يتبدى في حالة طهران. والثابت في كل هذا أن ترامب ربما لم يحسب لهذه الخطوة، أو لنقل كان مدفوعًا إليها بمرارة الفشل الداخلي والأزمات السياسية التي تعرض لها تباعًا مذ وصل إلى البيت الأبيض.