الصفحة 3 من 3
تقليل الخسائر
أشار الخبير في شؤون جماعات الإسلام السياسي صبرة القاسمي إلى أن التحركات الدبلوماسية التي قامت بها مصر والسعودية والإمارات أسهمت في تضييق الخناق على تحركات التنظيم في بعض الدول الأوروبية، وهو ما عانى منه التنظيم قبل الهزة الأخيرة في تونس، وهو ما يجعل تركيا تُلقي بثقلها لإنقاذ الموقف الحالي ودفعها للتأثير على حركة النهضة لاتخاذ مواقف براغماتية تقلل من الخسائر.
وأوضح القاسمي أن وجود التنظيم الدولي في العديد من الدول الأوروبية والآسيوية يختلف عن الحضور الفاعل في الدول العربية بعد أن وصلت هيمنته إلى مستوى سلطة اتخاذ القرار، بالتالي فتحركاته مهما كان اتساع مداها الجغرافي فإنها لن تكون بالتأثير الذي كان يحظى به التنظيم مع وجود الجماعة على رأس السلطة التشريعية والتنفيذية في تونس ومن قبلها على رأس النظام الحاكم في مصر والسودان.
واعتبر أن سقوط رؤوس الجماعة في الدول العربية ينعكس مباشرة على أوضاعها في الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية لأن الغطاء الدبلوماسي الذي يضغط لترك مساحات حركة أمامها في هذه الدولة تقلص بشكل كبير، في حين أن بعض الأنظمة العربية تنسق مع أطراف دولية لاستعادة العناصر المتورطة في أعمال عنف وتشكل ضغطا موازيا في اتجاه آخر يدعم طرد عناصر الجماعة وتضييق الخناق عليهم.
ويرى متابعون أن التطورات الأخيرة ستؤثر على نشاط التنظيم الدولي كضابط إيقاع للجماعة في دول عديدة بعد انعدام دور الجماعة في مصر وارتباكها في تونس، وخلق بيئة دولية جديدة عبر التنسيق المتصاعد بين مصر وقطر ما يزيد من الضغط على التنظيم الدولي الذي راهن على دعم سياسي ومالي وإعلامي للجماعة من الدوحة، وهو ما جعل الفروع مشتتة بدون مرجع أيديولوجي أو مركز قوي يضبطها ويديرها.
ويراهن التغيير الذي أجرته الأجهزة التركية للجنة التي تدير التنظيم الدولي حاليًا بقيادة إبراهيم منير وحلمي الجزار على تحجيم الانقسام داخله، لأن الاعتراضات وبواعث الانشقاق أضحت أقل تنظيمًا ولا تجد ما يدعمها بالنظر إلى أن الاتجاه المنافس كان يتبنى المواجهة الشاملة مع النظام المصري، الأمر الذي انتهى زمنه وفقد رعاته.
وأكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب أن ما حدث في تونس مؤخرا له علاقة بسقوط رأس التنظيم في القاهرة قبل سنوات، وما ستؤول إليه الأوضاع في تونس سوف يؤثر على طبيعة التنظيم في شمال أفريقيا وأوروبا، ومتوقع أن يتساقط الإخوان في أغلب دول العالم مثل قطع الشطرنج بفعل توالي الهزات.
ولفت إلى أن سقوط التنظيم في مصر وتونس لا يعد سياسيًا، لكنه سقوط له علاقة بالشعارات والأفكار التي رفعها التنظيم منذ نشأته واستهدفت دعم مشروعه التوسعي، وهو ما يؤدي إلى تهاوي الأفكار الآن، وقد تكون لذلك تأثيرات واسعة على مستقبل تنظيم الإخوان الذي يتعرض لأفول تدريجي.
وأبرز أن الفكرة المؤسسية التي تُغري الآخرين للانضمام إليه أو تأييد قياداته وعناصره لم تعد ملهمة حاليا بسبب الانتكاسات المتكررة، وأن قطاعات واسعة ممن انخدعوا في التنظيم تيقنوا من أن الفكرة فاسدة ومتكلسة ولا تناسب الحاضر، ما يجعل كافة التحركات التي يقوم بها التنظيم الدولي بمثابة بحث عن أماكن بديلة للحياة.
ورجّح البعض من المراقبين أن يقلل التنظيم من جرعاته السياسية ويحد من استخدام ألفاظ تدعو إلى العنف مثلما كان الحال في سنوات ماضية، وربما تتوخى قياداته الحذر لتبدأ في إعادة بناء التنظيم على أسس تختلف في شكلها، لكنها تعبر عن الجوهر ذاته.
أحمد جمال
صحافي مصري