الصفحة 2 من 3
أزمة سياسية
ت
تهم الكتل البرلمانية المساندة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أحزابا سياسية بالوقوف وراء الحملات الاحتجاجية وفي مقدّمتها نداء تونس الذي عجز عن الإطاحة بالشاهد عقب نيل حكومة الأخير المعدلة ثقة البرلمان بفضل دعم كتلة الائتلاف الوطني وكتلة حركة النهضة.
وقال جلال غديرة النائب بالبرلمان عن كتلة الائتلاف الوطني، إن ما يحصل في تونس من ترويج لحملات احتجاجية تحمل أسماء السترات الحمراء أو البيضاء هو تقليد أعمى لما يحصل في فرنسا. ولم يكتف غديرة برفض الكتلة التي ينتمي إليها المساندة لحكومة الشاهد لمثل هذه الاحتمالات، بل وجّه اتهاما لأحزاب، لم يسمّها، بمحاولة تفجير الوضع في تونس على خلفية أحقاد سياسية عنوانها الوحيد الإطاحة بالشاهد بشتى الطرق.
واعتبر أن مثل هذه الحملات هي بمثابة سحابة صيف عابرة لأن التونسيين يئسوا من إصلاح حال الارتباك السياسي الحاصل منذ ثماني سنوات وهو ما أدى إلى تدهور الوضع وحتى إلى تعرّض البلاد إلى ضربات إرهابية.
ومع تقلّص زخم الاحتجاجات الجماهيرية الغفيرة خاصة بعد انتخابات 2014 بالنظر إلى انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل طيلة عامين في مساندة حكومة الشاهد قبل أن يتمرّد عليه، يرجّح العديد من المتابعين أن تعود الاحتجاجات بأكثر حدّة خاصة أن بعضها انطلق في منطقة منزل بوزيان التابعة إلى محافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية في عام 2011 على خلفية استدعاء ناشطين بالجهة للتحقيق معهما إثر تقديم معتمد المنطقة قضية ضدهما أشار فيها إلى اعتدائهما بالعنف عليه.
وأدت الاحتجاجات المذكورة التي تسرّب بعضها إلى مناطق مجاورة في محافظة سيدي بوزيد إلى حرق سيارة أمنية ما أجبر قوات الأمن على استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وعلى عكس انتظارات المتابعين، فإن مواقف المعارضة الراديكالية والتقليدية البرلمانية، كالأحزاب اليسارية أو القومية والوسطية، جاءت داعمة لكل تحرّك احتجاجي سلمي في البلاد لكن دون الاقتباس من شعارات الاحتجاجات الفرنسية وحركة أصحاب “السترات الصفراء”.
وقال عمّار عمروسية النائب بالبرلمان عن الجبهة الشعبية (تجمع أحزاب يسارية وقومية)، إن الجبهة لن تكون مصطفّة في أي مرحلة من المراحل في البلاد إلا مع النفس الاحتجاجي السلمي للتعبير عن التدهور الاجتماعي والاقتصادي الذي أدى إلى تراجع القدرة المعيشية للمواطنين.
وأكد عمروسية أن الجبهة الشعبية ترفض الانخراط في أي محاولة لاقتباس شعارات أي تحركات احتجاجية تدور خارج البلاد بما في ذلك حركة السترات الصفراء، قائلا “للنفس الاحتجاجي التونسي سمة كبرى أدهشت العالم وبالتالي لا بد على التونسيين من مواصلة السير في نهج ابتكار أنواع فريدة من نوعها في الاحتجاج في ظل عجز حكومة يوسف الشاهد عن ابتكار حلول وبدائل خارج أطر الجهات المالية المانحة كصندوق النقد الدولي”.
ورجّح النائب اليساري أن تكون الرجة الاجتماعية هذا الشتاء مستهدفة ليس فقط للشاهد أو حكومته بل الأطراف التي حكمت البلاد بعد انتخابات 2014 وقبلها وتحديدا “حركة النهضة التي بان بالكاشف أنها حزب ديني خطير على مصلحة البلاد وأنها لم تخرج بعد من عباءة الجماعة”.
واعتبر عمروسية أن الحديث عن ثورة ثانية لتصحيح المسار شيء قريب للواقع، قبل أن يستدرك بقوله “لنكمل مسار ثورة جانفي 2011 التي لم يتحقق من أهدافها سوى حرية التعبير التي سهرت الأطراف التقدمية والمجتمع المدني على حمايتها من حكام ما بعد الثورة ومن ثمة نناقش مسألة الثورة الثانية”.
وعلى الطرف الآخر من المعارضة، ترى بعض الأحزاب أن الحل في تونس لا يكمن في ثورة ثانية بقدر ما هو مرتبط بوجوب التعاطي الجيّد من قبل الحكومة مع المطالب الاحتجاجية الشعبية بعيدا عن أي توظيف سياسي.
وقال غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، إن حزبه لن ينخرط في أي حملات مقلّدة ومشوهة كالسترات الحمراء لسببين، يكمن أولهما في وجوب المحافظة على الخصوصية الثورية التونسية.
أما ثاني الأسباب، وفق الشواشي، فيكمن في عدم تحمّل البلاد لثورة ثانية قد تقضي إلى الأبد على ما حققته تونس من ديمقراطية “رغم تآمر الحكومات المتعاقبة على الإرادة الشعبية بعدم تحقيق ولو جزء بسيط من مطالبه الاجتماعية والاقتصادية الحياتية واليومية”.
وأكّد أمين عام التيار الديمقراطي أنه على الحكومة ألاّ تستغرب أي انفجار اجتماعي قد يحصل قريبا لأنها لم تجهّز أي شيء يرضي المواطنين، بل واصلت في تنفيذ سياسات ليبرالية لا تتماشى مع الواقع التونسي.
وأشار إلى أن حزبه يدعم أي تحرك احتجاجي شعبي سلمي ومنطقي، لأن كل الدلائل تؤكّد أن البلاد سائرة نحو المجهول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بسبب تعنّت المنظومة التي أفرزتها انتخابات 2014 برمّتها.