الصفحة 3 من 3
التمرّد النقابي
لا يمكن الحديث في تونس، منذ فترة ما قبل الاستقلال وما بعدها، عن أي تحركات احتجاجية دون انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في البلاد في ذلك، خاصّة أن المنظمة النقابية تحشد أنصارها بجميع هياكلها منذ مطلع عام 2018 لرفض السياسات الاقتصادية التي يتوخاها الشاهد.
وبعد تنفيذ إضراب عام بقطاع الوظيفة العمومية في شهر نوفمبر الماضي مازال اتحاد الشغل يصرّ على التهديد بإضراب عام شامل وبإضراب عام آخر في قطاع التعليم يوم 17 جانفي المقبل. وفي قلب التمرّد النقابي على خيارات الحكومة، دعت الجامعة العامة للتعليم الثانوي على لسان كاتبها العام لسعد اليعقوبي الأساتذة لتجهيز السترات البيضاء احتجاجا على عدم تلبية وزير التربية لمطالب المدرّسين واحتجاجا على حكومة يوسف الشاهد برمّتها.
وهنا، قال النقابي فخري الصميطي (كاتب عام مساعد بنقابة التعليم الثانوي) إن استعمال عنوان السترات البيضاء ليس اقتباسا ممّا يحصل في فرنسا بل هي حركة رمزية تشير لزي الأستاذ والمعلم، والتعليم الذي ساءت أحواله أكثر فأكثر مع كل الحكومات المتعاقبة على حكم تونس إثر ثورة جانفي 2011.
وأكّد الصميطي أن كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المتراجعة في تونس تؤكد أن التونسيين بمختلف شرائحهم وأجناسهم وطيفهم السياسي قد نفد صبرهم من مواصلة الحكومة الهروب إلى الأمام بصم الآذان عن أي مطلب شعبي لا هدف له سوى تأمين القوت اليومي للتونسيين.
وأوضح الناشط النقابي أن ردّة فعل التونسيين هذه المرة قد تكون مغايرة لأن مطالبهم اجتماعية صرفة، رغم أن الكثيرين يحاولون توجيه مسارات احتجاجات النقابيين أو أعضاء المجتمع المدني إلى معركة لي ذراع خاصة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وهو بحسب تعبيره تحليل خاطئ.
ودعا الصميطي رئيس الحكومة إلى الاتعاظ من التجربة الفرنسية الأخيرة والتعاطي بجدية وبروح وطنية مع كل الملفات الاجتماعية المطروحة على طاولته قبل فوات الأوان وقبل ثورة جديدة قد تكون ربما تحت يافطة الخبز والقوت اليومي للمواطن البسيط الذي لم يعد قادرا حتى على توفير مستلزماته الضرورية.
وأكد الناشط النقابي أن التونسيين أصبحوا اليوم أكثر إدراكا من ذي قبل بعالم السياسة بحيث لم تعد لديهم أي ثقة بالأحزاب السياسية، فيما يشير آخرون إلى أن الوضع السياسي المحتقن وتبادل الاتهامات ودخول قضية الجهاز السري للنهضة والتفاصيل التي كشفت عنها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهيمي، أرهقت التونسيين المنهكين اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا، ضمن مؤشرات توحي بأن الاحتجاجات إن تأجّجت فستكون مخالفة لكل ما عاشت على وقعه تونس منذ ثورة يناير 2011 من نفس احتجاجي لا يقدر على قلب النظام الحاكم.
وسام حمدي
صحافي تونسي