ارتفاع نسبة الامية في صفوف النساء في تونس تجاوز 37 بالمائة عموما و52 بالمائة في بعض معتمديات ولاية القيروان وهو ما يدعو الى الفزع في ظل اجندات سياسية تعمل باسم الدين على العودة بالمراة الى الوراء وليس أسهل من «دمغجة» امراة امية فضلا عن تاثيرها السلبي على تكوين الاجيال القادمة.
في الماضي كانت الام الامية قادرة على تربية اجيال اسوياء وساهمت في تكوين نساء ورجال بنوا تونس وجعلوها تقف على اعمدة سليمة ولكن هذا الامر لايمكن ان ينسحب على الواقع الحالي في ظل تسارع التطور التكنولوجي و بروز مخاطر عديدة لاسيما منها استقطاب الارهاب واقبال دعاة الرجعية على محاربة مكاسبها ودفعها الى المطالبةً بما يمس من حقوقها على غرار المطالبة بتعدد الزوجات والاقبال على كثرة الانجاب.
أرقام مفزعة
قال مدير إدارة محو الأمية وتعليم الكبار بوزارة الشؤون الاجتماعية هشام بن عبدة في تصريحات اعلامية ان نسبة الامية لدى الاناث بلغت في السبيخة 52.83 وفي العلا 51 بالمائة ،،وارتفعت نسب الأمية بصورة عامة بمناطق الشمال الغربي والوسط الغربي، حيث بلغت في باجة 29,4 بالمائة وفي جندوبة 32,1 بالمائة وفي الكاف 26,1 بالمائة وفي سليانة 31 بالمائة وفي القصرين 32 بالمائة وأعلاها في القيروان بنسبة 32,9 بالمائة.
واعتبر بن عبدة ان هذه الأرقام مفزعة خاصة منها المتعلقة بولاية القيروان حيث بلغت نسبة الأمية بالسبيخة 40,1 بالمائة وفي الوسلاتية 41,1 بالمائة وفي العلا 43,3 بالمائة وفي بوحجلة46,3 بالمائة وفي الشراردة 36 بالمائة وفي حفوز 39,78 بالمائة، مشيرا الى أن نسبة الأمية في الجهة مرتفعة أكثر لدى الإناث.
وأشار الى أن وزير الشؤون الاجتماعية أعلن عن البدإ في برنامج استثنائي للتسريع في نسق محو الأمية في الشمال والوسط الغربيين واعتماد ولاية القيروان نموذجا حيث تم تنظيم لقاء مفتوح مؤخرا بمدينة القيروان لتناول هذه الظاهرة.
وعموما نسبة الأمية بلغت 19,1 بالمائة اي ان 1 /5 السكان التونسيين اميون وهذا رقم مفزع يستوجب وضع استراتيجيات عاجلة للحد من التسرب المدرسي بصفة مبكرة وتفعيل دور برنامج تعليم الكبار وحث الفتيات على التعليم.
أسباب
يعود ارتفاع نسبة الامية في تقديرنا خلال السنوات الاخيرة الى التحولات السياسية والاجتماعية التي عرفها مجتمعنا وزعزعة استقرار الطبقة الوسطى التي كانت ركيزة اساسية لتوازن المجتمع والتوترات المتلاحقة التي عرفها التعليم العمومي ببلادنا وارتفاع نسبة التسرب المدرسي وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتهميش الذي لحق بالجهات الداخلية اكثر من العهد السابق وعدم الاستقرار الامني والانفلات وعدم وضوح الرؤيا والاطمئنان للمستقبل كلها عوامل دفعت الى عدم الاقبال على التعليم من قبل الاناث قبل الذكور ومن الاسباب ايضا تراجع برنامج التعليم للكبار وعدم ايلائه العناية اللازمة كما السابق.
وللحد من ارتفاع نسبة الامية لابد من ايجاد الحلول لظاهرة التسرب المدرسي واستعادة دور المرشدة الاجتماعية لمتابعة العائلات التي قررت حرمان البنات من الدراسة خاصة في الارياف والعودة الى الرغبة في تزويجهن قاصرات.
ويمكن الاستعانة بوسائل التواصل الحديثة للتشجيع على تطبيق برنامج تعليم الكبار اضافة الى تعميم المقاربات المندمجة التي ترتكز على مساعدة الاميات مع بعث مشاريع خاصة والتعلم والتدرب على المساواة.
أستاذ وخبير في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمراة.. محو الأمية في إطار مقاربة مندمجة
قال الاستاذ بلعيد اولادعبدالله ان المراة الريفية التي تعاني من الامية تتوفر على ارادة للمعرفة والتغيير من واقعها بالاقبال على التدريب وممارسة النشاط الفلاحي مقارنة بالمراة المتعلمة التي ترفض مثل هذه الاعمال ولاتقبل عليها الا بعد بطالة مطولة واوضح ان المراة الريفية لها قدرات قابلة للتثمين لكن ينقصها المعرفة والحل يكمن في وضع استراتيجيات التمكين الاقتصادي والاجتماعي التي تقوم على تثمين المهارات مع دمج مهارات تعلمية جديدة وهذه المقاربات تسمى بالمقاربات المندمجة التي لاتقف عند حد مساعدتها على بعث مشروع بل تتعداه الى ادماج عناصر اخرى كمحوالامية ونشر ثقافة حقوقالانسان ويوجد حاليا مشروعان في القصرين وسيدي بوزيد على هذا النحو.
راضية الجربي.. التسرّب المدرسي أصل الدّاء
قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمراة التونسية راضية الجربي ان ارتفاع نسبة الامية في صفوف النساء تعود الى ارتفاع نسبة التسرب المدرسي التي تناهز حاليا 120 الفا بين تلميذة وتلميذ اي في حدود 10 الاف سنويا وللحد من هذه الظاهرة يحرص الاتحاد على تفعيل اتفاقية مشتركة بينه وبين وزارة التربية للتخفيض من نسبة التسرب وتم الاتفاق اول امس على تكوين المدرسين في مجال مكافحة العنف في المدارس كسبب رئيسي للانقطاع المبكر فضلا على ضرورة تغيير المناهج العلمية التي لم تعد مواكبة لمتطلبات الواقع الحالي هذا في اطار التصدي للامية وفي مجال مكافحتها يعمل الاتحاد الوطني للمراة التونسية وفقا لمحدثتنا على محو الامية من خلال الانخراط في برنامج تعليم الكبار بالتعاون مع ادارة تعليم الكبار بوزارة الشؤون الاجتماعية حيث تم الترفيع في عدد المراكز من 38 مركزا بين 2917و2018 الى 70 مركزا يدرسون حوالي 1100 دارس .
نقص الامكانيات
افادت الجربي ان الاتحاد الوطني يحمل على عاتقه مسؤوليات كثيرة منها الحد من امية النساء لانها كارثة بجميع المقاييس ولعل ماحدث بمدرسة الرقاب هو اكبر دليل على ذلك فلربما كان التسرب المدرسي هو اساس دخول البعض لهذه المدرسة ثم اين الامهات مما حدث ؟ ولماذا لم يظهرن للعلن احتجاجا على ماحدث لفلذات اكبادهن ام انهن ايضا رهائن لدى ازواجهن مثل الابناء وغير قادرات على الخروج الى الشارع للتعبير عن استيائهن من الجرائم التي مورست ضد ابنائهن ام انهن مقتنعات بما حدث وهي الكارثة الاكبر وياخيبة المسعى فيما حدث ومايمكن ان يحدث مستقبلا من استهداف لمكاسب المراة ومابلغته من مكانة ووعي. وخلصت الى القول بان الاتحاد يقوم بمجهودات جبارة ومساع حثيثة للحفاظ على مكانة المراة ولكن للاسف تعوزه الامكانيات المادية فضلا عن افتكاك العديد من مقرّاته وتحويلها الى مدارس قرانية وهو حاليا يعيش في ظروف اسوأ من فترة "الترويكا " وقد يعجز خلال الشهر الجاري عن منح اجور الموظفين والعملة.