بقاء القوات الأميركية شمال سوريا رسالة تحذيرية إلى موسكو وأنقرة بعد اتفاق سوتشي.
واشنطن - رغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب قوات بلاده من شمال سوريا قبيل العملية العسكرية التركية، إلا أن عدد الجنود الأميركيين لم يتغيّر عمّا كان عليه من قبل منتصف أكتوبر.
وأعلن مسؤول أميركي أن عدد قوات بلاده المتواجدة في سوريا لا يزال مستقراً تقريبًا عند أقل من ألف عنصر بقليل وذلك بعد حوالي ثلاثة أسابيع من إعلان ترامب الانسحاب.
ويرى مراقبون أن تعزيز واشنطن لقواتها في شمال وشرق سوريا وتشييد قواعد إضافية على مقربة من حقول النفط السورية، يعزز الشكوك في أن الانسحاب لم يكن جديا، بل كان مجرد مناورة تكتيكية على ضوء إظهار تركيا نوايا جدية حينها في اجتياح المنطقة بزعم طرد وحدات حماية الشعب الكردي.
وتقول المصادر ذاتها أن الانسحاب هو مناورة من ترامب لإعادة تشكيل التحالفات في سوريا إلى جانب حماية القوات الأميركية وتحييدها عن العملية العسكرية التركية التي تستهدف بالأساس الأكراد وبالتالي توريط الرئيس التركي رجي طيب أردوغان أمام المجتمع الدولي وفضح نواياه من وراء الهجوم.
وأفسح سحب الجنود الأميركيين من حدود سوريا الشمالية الطريق أمام تركيا لتنفيذ العملية العسكرية التي لاقت رفضا دوليا واسعا.
وتحت يافطة حماية حقول النفط في محافظة دير الزور (شرق)، دعا ترامب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى إرسال تعزيزات إلى تلك المنطقة في وقت يبتعد الجنود الأميركيون عن المناطق القريبة من الحدود السورية التركية.
وبدأت التعزيزات بالوصول إلى دير الزور بينما أُرسل بعض الجنود إلى الشمال للمساعدة في تأمين عملية الانسحاب من تلك المنطقة، كما نُقل البعض الآخر من سوريا إلى شمال العراق.
لكن بالمجمل، لم يتغيّر عدد الجنود الأميركيين المتواجدين في سوريا عمّا كان عليه قبل إعلان الانسحاب في منتصف أكتوبر. وقال المسؤول الأميركي "لا يزال العدد عند أقل من ألف بينما يتواصل الانسحاب".
ويرى محللون أن الخطوات الأميركية هي رسالة إلى كل من روسيا وتركيا تفيد بأن واشنطن لن تخلي لهما المكان، خاصة بعد اتفاق سوتشي الذي جرى التوصل إليه بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والذي بموجبه تم إيقاف عملية نبع السلام ضد الأكراد.
وأشارت مصادر سورية إلى وجود "عملية تقاسم النفوذ" تجري في مناطق شمال شرق سوريا، في ظل التواجد الروسي والأميركي المشترك داخل المنطقة نفسها، بعد أن كانت القوات الأميركية انسحبت ثم عادت مرة أخرى، ودخلت القوات الروسية إلى المنطقة وفقًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي.
ولم تجرِ عملية الانسحاب بدون عقبات إذ سقطت قذائف أطلقها الجيش التركي قرب دورية أميركية الأحد على مقربة من "المنطقة الآمنة" التي أقامتها تركيا في شمال سوريا.
وسقطت القذائف على بعد كيلومتر من الطريق حيث كانت الدورية لكنّها لم تصب، وفق ما أعلنت القيادة المركزية الأميركية.
وقال المسؤول الأميركي إن القذائف لم تكن تستهدف الأميركيين. ولا تزال مسألة قانونية العملية الأميركية لحراسة حقول النفط موضع نقاش حتى داخل البنتاغون.
وشكك بعض المسؤولين بجلساتهم الخاصة في احتمال منع الحكومة السورية من الوصول إلى الحقول إذا توصل المقاتلون الأكراد الذين يسيطرون حاليًا بشكل مشترك مع الأميركيين على المنطقة، إلى اتفاق مع نظام الرئيس بشار الأسد لمشاركته في أرباح النفط.
ولدى سؤاله عن المهمة الأميركية لحماية حقول النفط السورية، قال وزير الدفاع مارك إسبر إن الهدف هو منع تنظيم الدولة الإسلامية "وغيره من اللاعبين في المنطقة" من الوصول إليها.
ولم يحدد "اللاعبين الآخرين" الذين كان يتطرق لهم فيما لم يوضح أي مسؤول في البنتاغون إن كان يقصد النظام السوري وروسيا.