في خطوة أثارت موجة من التساؤلات والاستغراب في الأوساط الحقوقية والإعلامية، أعلنت السلطات الكويتية سحب الجنسية من الداعية المعروف نبيل العوضي، والإعلامي إبراهيم محمد رزق أبو عيدة، الشهير بـ"بو عيدة"، وذلك ضمن ما تصفه الدولة بـ"حملة تطهير شاملة لإعادة تنظيم قانون الجنسية".
مقالات ذات صلة:
سحب الجنسية الكويتية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال الكويتية يثير جدلاً واسعاً
حكم البراءة للفنانة الكويتية حليمة بولند في قضية الفسق والفجور
فيلم 'شهر زي العسل' يثير الجدل في الكويت: الفنانان بوشهري ونور الغندور يواجهان تحديات قانونية
🪪 قرار مفاجئ دون تبرير رسمي
الخبر تم الإعلان عنه مساء الأحد، عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، من خلال حساب "شبكة الكويت"، دون أن يصدر أي توضيح رسمي من وزارة الداخلية حول أسباب القرار، الأمر الذي فتح الباب أمام تأويلات متعددة، خاصة أن الشخصيتين المعنيتين معروفتان في الساحة الإعلامية والدعوية، ولهما تأثير واسع على منصات التواصل.
ووفق ما تم تداوله، فإن العوضي، الذي ينتمي لعائلة من فئة البدون، سبق أن مُنح الجنسية في عام 1998، وسُحبت منه في 2014 بتهم تتعلق بـ"تقويض النظام"، ثم استعادها لاحقًا في 2018 بقرار من مجلس الوزراء. وها هي تُسحب منه مجددًا بعد 7 سنوات من إعادتها، في توقيت سياسي حساس.
أما الإعلامي بو عيدة، فقد اكتسب جنسيته تحت بند "الأعمال الجليلة"، قبل أن يُسحب منه القرار ضمن مراجعة شاملة لهذا البند الذي بات يخضع لتدقيق صارم من الدولة.
📉 ردود فعل غامضة ورسائل مبطنة
من جهته، علّق نبيل العوضي على قرار سحب جنسيته مجددًا بتغريدة مقتضبة عبر "إكس"، قال فيها:
"بعد كل ضيق وشدة… غنى وسعة! (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)"
وهو ما اعتبره البعض ردًا روحانيًا يتّسم بالصبر، بينما قرأه آخرون على أنه رسالة تحدٍّ ضمنية.
في المقابل، لم يصدر عن الإعلامي "بو عيدة" أي تعليق حتى الآن، وسط تعتيم إعلامي رسمي على خلفيات القرار، وعدم توافر أي تهم أو مخالفات معلنة بحقه.
🧾 "الأعمال الجليلة" تحت المجهر.. حملة شاملة
يأتي هذا القرار ضمن حملة أوسع بدأتها السلطات الكويتية منذ أشهر، لمراجعة ملفات الجنسية، خاصة تلك التي تم منحها عبر التبعية أو بند الأعمال الجليلة، بعد التعديلات التي أُدخلت على قانون الجنسية في سبتمبر الماضي.
وحسب مصادر إعلامية كويتية، فإن عدد من سُحبت جنسياتهم منذ انطلاق الحملة بلغ نحو 35 ألف شخص، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد، ويشمل شخصيات فنية وإعلامية ودينية بارزة، مثل الفنان محمد العجيمي، والإعلامي مبارك العمير.
📌 تساؤلات قانونية وحقوقية
في ظل غياب تبريرات رسمية، يطرح مراقبون تساؤلات قانونية حول مدى دستورية سحب الجنسية دون محاكمة أو توجيه تهم واضحة، خاصة أن الجنسية ليست مجرد وثيقة إدارية، بل هي ركيزة أساسية للهوية والحقوق المدنية.
ووفقًا لتقارير حقوقية دولية، فإن حالات سحب الجنسية في بعض الدول الخليجية تُستخدم أحيانًا كسلاح سياسي أو أداة لتكميم الأصوات المعارضة، وهو ما تنفيه السلطات الكويتية، التي تؤكد أن الإجراءات تستهدف فقط التلاعب بالهويات الوطنية.
🧭 بين السيادة وحقوق الأفراد
تبقى مسألة الجنسية في الكويت قضية شائكة وحساسة، تتقاطع فيها أبعاد السيادة القانونية مع الحقوق الفردية والإنسانية، خاصة لفئة البدون الذين يعيشون منذ عقود في مناخ قانوني ضبابي.
وإذا كان تنظيم ملف الجنسية خطوة ضرورية لحماية الهوية الوطنية، فإنها تحتاج – وفق مراقبين – إلى شفافية، وضمانات قانونية واضحة، ومحاسبة عادلة، بعيدًا عن منطق الانتقائية أو الحسابات السياسية.
