اختر لغتك

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

بقلم: [عبد الحفيظ حساينية]

بين الصورة الرسمية التي جمعت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسابيع، وبين بيان وزارة الخارجية الجزائرية الذي استدعى السفير بباريس، انفجرت أزمة دبلوماسية جديدة تكشف أن ما تحت السطح بين البلدين أكبر بكثير مما يظهر في البروتوكول.

مقالات ذات صلة:

الجزائر تُعبّر عن احتجاجها الشديد بعد توقيف موظف قنصلي في فرنسا في قضية اختطاف "أمير دي زد"

إيطاليا تصنف مصر وتونس والمغرب والجزائر كـ'بلدان آمنة'.. ماذا يعني ذلك للمهاجرين؟

تصعيد دبلوماسي: الجزائر ترفض استقبال المبعدين من فرنسا وتندد بالضغوط الفرنسية!

فمنذ بداية العام، تحاول باريس ترميم ما تبقّى من علاقاتها التاريخية المعقدة مع الجزائر. غير أن كل محاولة تهدئة من ماكرون تقابلها سلسلة من التصريحات والقرارات الفرنسية التي توصف في الجزائر بأنها "استفزازية"، بل "متعمدة" لإبقاء العلاقة تحت سقف السيطرة لا الندية.

أحدثُ شرارات الأزمة انطلقت من تكريم مثير للجدل في الأوساط الفرنسية، حيث منحت جهات ثقافية مقربة من الإليزيه جوائز لأسماء جزائرية معروفة بمواقفها المعادية لثورة التحرير، على غرار كمال داوود وبوعلام صنصال. وهي خطوة قرأها المراقبون في الجزائر كرسالة سياسية واضحة، مفادها: "الذاكرة ليست موضوعًا مشتركًا، بل ملف فرنسي داخلي".

لكن خلف هذا التصعيد الظاهري، يُخفي الملف الجزائري الفرنسي صراعًا عميقًا على ثلاث جبهات أساسية:

1. الذاكرة والتاريخ: صراع الهويات

فرنسا التي لم تعتذر رسميًا عن جرائمها في الجزائر بين 1830 و1962، تجد نفسها اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتعامل مع ملف الذاكرة بجدية، في ظل ضغط شعبي ورسمي جزائري متزايد. لكن باريس، وعلى لسان رئيسها، تُصرّ على "مقاربة تاريخية غير توبة"، كما صرّح ماكرون سابقًا.

تصريحات الرئيس الفرنسي حول "عدم وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار" لم تكن مجرد زلة لسان، بل تمثّل – وفق دبلوماسي جزائري سابق تحدّث إلينا – "عقيدة فرنسية جديدة في التعامل مع شمال إفريقيا، قائمة على فرض سردية تاريخية فرنسية تسقط فكرة الاحتلال من الأساس".

2. الغاز والشراكات الاقتصادية: ورقة الجزائر الثقيلة

في خضم أزمة الطاقة العالمية، راهنت فرنسا على الجزائر كبديل استراتيجي للغاز الروسي. وقد زار مسؤولون فرنسيون الجزائر في أكثر من مناسبة للبحث عن اتفاقات جديدة. لكن الجزائر، وقد شعرت بأنها لم تُعامل بندّية، شرعت في توسيع شراكاتها مع إيطاليا وألمانيا وتركيا، وبدأت تدريجياً في "إغلاق الصنبور السياسي" أمام باريس.

"الجزائر أصبحت شريكًا صعبًا"، يقول خبير اقتصادي فرنسي في تصريح خاص. "هي تدرك الآن أن الغاز سلاح سياسي لا تقل قيمته عن السلاح العسكري في صراعات النفوذ"، وهو ما جعل فرنسا تخسر امتيازات كثيرة كانت محسوبة لها سلفًا.

3. الساحل والإفريقيّة الجديدة: صدام النفوذ

الجزائر، القوة الإقليمية الصاعدة في شمال إفريقيا، تسعى منذ سنوات لتكون فاعلاً في إدارة أزمات الساحل، خصوصًا بعد انسحاب فرنسا من مالي والنيجر. لكن باريس، التي ترى في الجزائر منافسًا مباشرًا، حاولت تحجيم دورها عبر أدوات دبلوماسية غير مباشرة، من خلال دعم قوى إقليمية مناوئة.

وحسب مصادر دبلوماسية، فإن الجزائر رفضت مؤخرًا طلبًا فرنسيًا للوساطة الأمنية في النيجر، معتبرة أن فرنسا لم تعد "طرفًا موثوقًا" بعد فشلها في محاربة الإرهاب و"استغلالها للنخب الحاكمة في المنطقة".

هل نحن أمام قطيعة فعلية؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، الدكتور سفيان مبروك، إن "ما يجري اليوم ليس أزمة عابرة، بل تحوّل في ميزان العلاقة التاريخية. الجزائر تغيّرت، وفرنسا لم تتغير. لذلك الاصطدام حتمي".

ويضيف: "العلاقة دخلت منذ 2021 في منعرج جديد، حيث لم تعد الجزائر تقبل بالدور التابع أو الهامشي، وهذا مربك لباريس".

في المقابل، يرى محللون في باريس أن السياسة الجزائرية تتجه إلى "نوع من الابتزاز السياسي" عبر استخدام ملفات الذاكرة والهجرة والغاز كورقة ضغط متكررة.

النهاية مفتوحة... لكن الثقة مفقودة

أزمة الجزائر وفرنسا ليست مجرد توتر عابر. إنها مشهد طويل من سوء التفاهم، تراكمات الذاكرة، وصراع المصالح. وقد تكون المصافحة المقبلة أبرد من السابقة... أو لا تأتي على الإطلاق.

آخر الأخبار

🔴 معهد المزونة: حين ينهار السور تنهار الثقة: هل يدفع المدير الثمن وحده؟

🔴 معهد المزونة: حين ينهار السور تنهار الثقة: هل يدفع المدير الثمن وحده؟

الصومال يكسر جدار الصمت الانتخابي: مقديشو تسجّل الناخبين لأول مرة منذ 56 عامًا

الصومال يكسر جدار الصمت الانتخابي: مقديشو تسجّل الناخبين لأول مرة منذ 56 عامًا

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

فرنسا تحسمها نهائيًا: الصحراء مغربية والحكم الذاتي هو الحل

فرنسا تحسمها نهائيًا: الصحراء مغربية والحكم الذاتي هو الحل

الملتقى العلمي الدولي للسياسات السكنية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا

الملتقى العلمي الدولي للسياسات السكنية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا

Please publish modules in offcanvas position.