إيصال الأسلحة
وفي ليلة ليست بعيدة، امتلأت سيارة نقل بيضاء مركونة داخل مجمع صوان السكني بصناديق معدنية محمّلة بالرصاصات وقذائف هاون، مرصوصة مثل خضار في سوبرماركت.
وفي وقت سابق من نفس اليوم، قاد صوان سيارته إلى العاصمة، طرابلس، كما يفعل عادةً. حمل معه نقوداً تم جمعها من مدراء أعمال مصراتيين متعاطفين ومن القيادة العسكرية للميليشيات، وقام بزيارة ما وصفهم بأنهم "تجار حرب" يتاجرون فيما تبقى في مستودعات أسلحة القذافي وفي الأسلحة المهرّبة التي اجتاحت البلاد بعد سقوطه.
وخلال هذه الرحلة، قال صوان أن بعض الأشخاص تبرعوا بعلب من الرصاص من مخزونهم الشخصي.
قال صوّان "تتجه إلى سرت شاحنة مثل هذه خمس مرات أسبوعياً"، ملتحياً ومرتدياً جلباباً وطاقية من الزي الليبي.
كم من الوقت يدوم هذا القدر من الذخيرة؟
يرد في نصف مزاح "ثلاث ساعات، يهدر مقاتلونا الكثير من الرصاص".
منذ خمس سنوات، امتلك صوان مصهراً للألمونيوم ومصنعاً لعلف الحيوانات. لكنه، مثل العديد من أصحاب الوظائف في ليبيا، حمل سلاحاً وانضم للثورة. وتحولت مصراتة، ثالث أكبر مدينة في ليبيا، لساحة حرب كبرى، وشهدت اشتباكات عنيفة وقصفاً يومياً بين الثوار وأنصار القذافي. استولى الثوار على مصراتة في مايو/أيار عام 2011 بمساعدة هجمات حلف شمال الأطلسي الجوية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011، قُتِل القذافي وابنه معتصم في سرت، وأحضر مقاتلو مصراتة جثثهم إلى ثكناتهم هنا. وخارجها، طالبت الحشود برؤية الجثث. أراد المجلس العسكري المحلي للمدينة أن يجري طبيب فحصاً شرعياً للتأكد من هويتهم، وعرض صوان بيت عائلته لإجرائه.
قال "احترم الناس بيتي، ولم يكن ليجرؤ أحد على اختراق حرمة بيت شخص آخر".
في اليوم التالي، نُقِلت الجثث إلى سوق محلية، حيث عُرضت في خزانة تبريد صناعية لمدة ثلاثة أيام.
وخلال الشهور والسنوات التالية، وبينما تنقسم ليبيا أكثر وسط عنف الفصائل المتقاتلة، وجد صوان ما يؤمن به، وانضم لميليشيات مصراتة التي تحارب قبائل متعاطفة مع القذافي في مدينة بني وليد وميليشيات معادية في طرابلس.
وقال صوّان "أينما كان مقاتلونا، أذهب لمساعدتهم"، وكان قد سافر جواً في اليوم السابق إلى لمدينة سبها في الجنوب لإيصال إمدادات لفصائل أخرى من مصراتة.
يمتلئ المستودع الذي يسكن فيه صوان بالوسائد، والسجاد، والوايفاي. وفي معظم الليالي يتحول لغرفة عمليات حيث يساعد مناصرو الميليشيات الموجودة في سرت صوان في تحصيل وتوزيع الإمدادات إلى الجبهة وفي تبادل الأخبار المتعلقة بالحملات المضادة للدولة الإسلامية.
وقال صوان "سأتزوج وأنجب أطفالاً عندما تستقر ليبيا".
قال صديق يجلس بقربه ساخراً "ستكون في الثمانين وقتها".