غضب من الطبقة السياسية
بيّن الشواشي أن كل القوائم المستقلة التي نجحت في الظفر بمقاعد في المجالس البلدية لا تخلو من بعض الانتماءات السياسية، مؤكدا وجود بعض القائمات المستقلة المسنودة من عدة توجهات وأحزاب سياسية. واعتبر أن النتائج الأولية للانتخابات أكّدت بعض الإيجابيات، منها إدراك أغلبية التونسيين لزيف وعود حزبي الحكم نداء تونس والنهضة ولذلك صوتوا بكثافة لبعض الأحزاب المعارضة التي يثقون فيها مثل التيار الديمقراطي، حسب تعبيره.
وعلى ضوء النتائج والتقديرات الأولية المصّرح بها فإن الخارطة السياسية لم تتغيّر كثيرا مقارنة بالانتخابات التشريعية والرئاسية في العام 2014، حيث حقّقت كل الأحزاب حكما ومعارضة نتائج منطقية في معاقلها التاريخية، فحركة النهضة وحراك تونس الإرادة واصلا على سبيل المثال حصد نجاحات في أغلب مناطق الجنوب، فيما حقّقت الجبهة الشعبية نجاحا نسبيا في بعض المناطق المحسوبة على اليسار التونسي في محافظات قفصة، (الجنوب الغربي) وسيدي بوزيد (وسط) وسليانة (الشمال الغربي) وصفاقس (وسط). أما حزب نداء تونس ورغم فشله في الفوز بالمرتبة الأولى فقد حافظ على نفس النجاح تقريبا في مختلف أنحاء البلاد المحسوبة عليه وخاصة في مناطق جهة الساحل أو تونس الكبرى.
وقال عمار عمروسية، النائب بالبرلمان والقيادي بالجبهة الشعبية، “لا يزعجنا كسياسيين فوز القوائم المستقلة بقدر ما يزعجنا نجاح البعض في إقناع الرأي العام بأن الطبقة السياسية برمتها متخندقة في مستنفع واحد مع أحزاب الحكم”.
وأوضح أن “نتائج الانتخابات جاءت مخيبة للآمال بسبب فشل حزبي الحكم نداء تونس وحركة النهضة في إدارة الحكم وفي تلبية تطلعات الشعب طيلة ثلاث سنوات حكما فيها البلاد بتوافق مغشوش”.
وأكّد وجود اختلاف في القراءات السياسية لنتائج الانتخابات، مستغربا مقارنة نتائج أحزاب المعارضة التي لم تترشح في كل الدوائر بنداء تونس والنهضة اللذين قدّما مرشحين في كل المناطق وبـ350 دائرة انتخابية.
وحمّل النائب بالبرلمان المسؤولية للهيئة المستقلة للانتخابات بقوله إنها تغاضت وأغلقت أعين أعوانها حيال العديد من الخروقات والتجاوزات التي أقدمت عليها خصوصا أحزاب الحكم.
وقال إن الهيئة فشلت في تنظيم الانتخابات بالشكل الكافي، واصفا تأجيل الانتخابات في بلدية المظيلة التابعة لمحافظة قفصة بـ”المهزلة”.
وكان رئيس هيئة الانتخابات محمد التليلي منصري أعلن تأجيل الانتخابات في مراكز اقتراع بمنطقة المظيلة، التي شهدت في السنوات الأخيرة توترات شعبية واحتجاجات كبيرة باعتبارها من أبرز مناطق الحوض المنجمي، وأوضح أنّ التأجيل جاء بسبب خطأ جدّ في مراكز الاقتراع بالمظيلة، تمثل في إرسال بطاقات التصويت التابعة لدائرة قفصة إلى دائرة المظيلة والعكس صحيح، وأنه تم تداركه في وقت وجيز وكان بالإمكان استئناف عملية الاقتراع، لكن استياء وتشنج المواطنين بالمراكز المذكورة ورفضهم القيام بالاقتراع بسبب هذا الخطأ استوجب تأجيلها.
وقبل عام ونصف العام تقريبا على موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية 2019 يجمع الكثير من المتابعين للشأن السياسي التونسي على أن مرد توجه المواطنين لمنح ثقتهم بكثافة خلال الانتخابات للمستقلين هو عجز ساسة البلاد طيلة ثماني سنوات عن تنفيذ أهم مطالب ثورة يناير 2011 المتلخّصة أساسا في ثنائيتي الخبز والكرامة إلى جانب تآكل الزعامات والنخب والطبقة السياسية التي وجدت نفسها عاجزة عن الخلق والابتكار أو تطوير الخطاب.