قام هذه الأيام موظفو المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بصفاقس بوقفات احتجاجية ليس لمطالب مهنية جوهرية أو لنهضة ثقافية بالجهة، بل للإطاحة بالمندوبة الجهوية للشؤون الثقافية الأستاذة ربيعة بلفقيرة المعروفة بنضالها في الساحة الثقافية وباجتهادها وهو ما يجعلنا نؤكد أن هذه الوقفات كيدية يقف وراءها أعداء النجاح وأحباء الركود والفوضى ممن تعودوا على الصيد في المياه العكرة.
وعندما تمعنت النظر وسألت أهل الذكر من رجال الثقافة والإعلام بالجهة كانت الإجابة لماذا؟ على ماذا؟ المرأة مشهود لها بمسيرة سنوات من توزر إلى المحرس إلى صفاقس وهي رحلة كفاح صنعت ربيع الثقافة بالجهة ومسيرة حافلة بالتتويجات وبالتكريمات والعمل الدؤوب، إذا سألت أي جمعية أو منظمة أو مثقف أو فنان أو هاو في الجهة عن الثقافة فإنه يرشدك إلى هذه السيدة، فعبر مكتبها ينطلق أي حلم ثقافي فقد أدخلت الفرحة لشوارع صفاقس المنسية وجددت روح الإبداع في جميع أرجائها وآمنت بحق كل مواطن في ثقافة نبيلة فحتى خلال تظاهرة "صفاقس عاصمة للثقافة العربية" كانت صمّام أمان لأموال التظاهرة فكانت تحرص أن تكون لفائدة الصالح العام رغم أنها كانت في فمي المدفع. قدمت صورة مشرفة عن الولاية وعن تراثها فتكلمت ودافعت عن المشروع الثقافي بالجهة أيام الجمر وخدمت الثقافة من اجل الثقافة وتكلمت عن حق الموظفين في العمل النقابي ويا سخرية القدر أن يكون هذا التحرك بدعم من النقابة التي ساهمت بتأسيسها ويبقى السؤال مطروحا: كيف يستطيع المرء أن يعض اليد التي مدت إليه؟
وفي زمن تصعب فيه الانتدابات كانت تجوب أروقة الإدارات بملفات الشبان حتى تسوى وضعيتهم أيام كانت النقابة الأساسية للثقافة بصفاقس عودا طريا) ففتحت مكتبها وفتحت قلبها وكونتهم ودربتهم على قواعد الإدارة وأساسيات التواصل وعرفت بهم واعترفت بمجهوداتهم بعدما كانوا نكرات على الإدارة، واليوم وكأنها لم تفعل شي يتبرؤون بكل وقاحة من فضلها.
كيف يُنسب طيش الشباب إلي العمل النقابي؟ كيف ينادي من ليس لهم خبرة في المجال (الموظفون الجدد) بطرد من علمتهم كيف يعملون؟ فقد ساعدتهم على الوقوف وأصبحوا أصحاب مكاتب فتحوا البيوت وكتبوا الدواوين بفضل إيمانها بقدرة الشباب ودعمتهم وأطرتهم واليوم ينادونا بإقالتها، أليس هذا نكران للجميل؟
زملائها الذين تقاسمت معهم الفرح والحزن أصدقاء الدرب يذكرون فضلها ويذكرنا اجتهادها ولا يمكنهم إنكار هذا رغم الخلافات، لقد اشتغلت من أجل ولاية صفاقس فكرست حياتها من اجل الفعل الثقافي فكان على حساب عائلتها وصحتها.
أطرح السؤال التالي: أين أبناء صفاقس لقول كلمة حق في شأن هذه المرأة؟ أهكذا تكرم صفاقس أبناءها؟
أسباب واهية، كلام لا معنى له، حديث القيل والقال، حديث تفصيل التفصيل لم تقنعني الأسباب فلا وجود لشبهة فساد ولا وجود لعد انضباط ولا وجود لمبرر مقنع لهؤلاء، ومازلت أتابع الأحداث عبر صفحات التواصل الاجتماعي وأرى سيل المساندة من نقابات الولاية الأخرى واسأل على أي أساس يساندون؟ هل شعارهم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"؟
أقول في نفسي إن الذنب الوحيد لهذه المرأة أنها تعمل وتجتهد وتحقق النجاح تلو الآخر دون ضوضاء لذلك فإننا نعول على حكمة الراشدين من الموظفين ومن الوطنيين من أهالي صفاقس لمراجعة أنفسهم قبل أن يندفعوا وراء هراء مراهقين حديثي العهد بالعمل النقابي، ويبقى السؤال مطروحا: من هو المندوب الذي يريدونه أن يكون على المقاس؟ من هو سوبرمان الذي سيرضي الجميع؟ هل سيكون قادر على احتواء الحياة الثقافية في عاصمة الجنوب صفاقس أفضل من هذه السيدة.
وجدير بالذكر، أننا واكبنا عديد التظاهرات التي نظمتها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بصفاقس والتي أشرفت عليها والتي ساهمت فيها فكانت ناجحة إلى أبعد الحدود، فوقفنا عند حقيقة ثابتة أنا المندوبة الجهوية الأستاذة ربيعة بلفقيرة امرأة لا يشق لها غبار وأنها على درجة قصوى من الحرفية... والأكيد أننا سنعود لذات الموضوع لاحقا.
عادل الهمّامي
