كنت على مرمى عثرة من الموت؛ بينما يتابع الناس باستمرار صورتي المعروضة على التلفزيون؛ لكن لا أحد كان ليعرف أو ليصدق كم من الجروح تختبئ تحت بدلتي الأنيقة الغارقة في الوجع؛ مع ربطة العنق المشدودة بالهواء وبآخر نفس قد ألفظه أو يلفظني..
كان الموت حليفي العنيد يدنو بهدوء مريب.. بينما كانت الحياة؛ حياتي؛ تبتعد بصمت مخيف.
وكان يمكن أن يستيقظ العالم؛ عالمي الصغير؛ على خبر يحيلني على الأبدية البيضاء.
بسبب الاكتئاب .. ربما
بسبب الضجر .. ربما
بسبب الجنون .. ربما
بسبب الإدمان .. ربما
بسبب شيء ما؛ قد لا يعني شيئا ما!!
وعلى حافة الموت كان الشاعر (أنا) لولا الصديق (هو):
أدمنا الحبر والتعب؛ وعلى شفى هاوية تأرجحت أرواحنا..
ثمة من وهب الشاعر حياة؛ أولئك الذين يصرون على حياتك؛ كل حياتك.
في رحلة الموت البطيء يهبك الحياة صديق اسمه: الصافي سعيد.
كنا نهم بالخروج من مبنى التلفزيون؛ عندما سألني عن شعري الغارق في البياض؟ وعن شحوبي؟ وعن قلقي وتوتري؟ وعن جسدي النحيل.. سألني؟ وعن العمر الذي لا يناسب عمري؟؟
كان روائيا .. أو أبلغ.
وكنت شاعرا .. أو أبعد.
أخبرته عن محنتي علها تكون موضوع روايته القادمة!
لكنه قادني بعيدا عن السرد والبلاغة.. وسجنني في سجن بأسرة بيضاء وشراشف بيضاء ووقت أبيض..
وها أنا الآن في ذات المصحة؛ أتعافى وأتناسى؛ وبي أمل ومشتاق.
فمن ينقذك من شر نفسك؛ لا يبقى صديقا؛ إنه يرتقي تماما إلى درجة أخرى؛ لا توصف..
لكن تقديرها: الحياة وأكثر .
وليد الزريبي
من المصحة - تونس في 13 ماي 2016 - الساعة الواحدة.