اختر لغتك

نزيف مستمر: تصاعد جرائم قتل النساء في تونس وسط صمت مقلق

نزيف مستمر: تصاعد جرائم قتل النساء في تونس وسط صمت مقلق

جرائم قتل النساء.. ظاهرة مرعبة تتفاقم

في السنوات الأخيرة، تزايدت جرائم قتل النساء في تونس بشكل ملحوظ، لتتحول من حوادث فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد كيان الأسرة والمجتمع. فبحسب تقارير صادرة عن منظمات حقوقية، سُجلت أكثر من 200 جريمة قتل نساء خلال السنوات الأخيرة، في حين تشير الدراسات إلى أن ما يقارب 50% من النساء في تونس يعانين من العنف الأسري بدرجات متفاوتة.

مقالات ذات صلة:

تضاعف جرائم قتل النساء في تونس: تقرير يكشف عن ارتفاع ملحوظ خلال الفترة 2018-2023

القبض على الطالب الإيطالي في ألمانيا: جريمة خطف وقتل تهز إيطاليا وتثير الاستياء من العنف ضد النساء

وتشمل هذه الجرائم القتل العمد، والتعنيف المفضي إلى الموت، والجرائم ذات الطابع الانتقامي، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بأزواج أو أفراد من العائلة، ما يكشف عن أزمة حقيقية في البنية المجتمعية والثقافية التي لا تزال تبرر العنف ضد المرأة تحت غطاء الأعراف والتقاليد.

من الضحية إلى الرقم.. قصص مأساوية خلف الإحصائيات

وراء كل رقم في هذه الإحصائيات حكاية مأساوية، مثل قصة حنان التي قتلت على يد زوجها طعنًا بسكين بعد سلسلة من التهديدات والعنف المستمر، أو قصة ريم التي أطلق عليها زوجها النار أمام أطفالها بسبب خلاف مالي، أو أسماء التي تعرضت للحرق على يد شقيقها "غسلًا للعار"، رغم براءتها من أي تهمة.

تشير هذه الحالات إلى أن القتل لم يعد نتيجة لحظة غضب فقط، بل أصبح تعبيرًا عن عقلية مجتمعية ترى المرأة ملكية خاصة للرجل، يتحكم في حياتها ومصيرها، مما يضعنا أمام سؤال خطير: إلى متى ستبقى النساء في تونس ضحايا للعنف الممنهج؟

ضعف القوانين أم غياب التطبيق؟
ورغم إصدار القانون عدد 58 لسنة 2017 الخاص بالقضاء على العنف ضد النساء، والذي ينص على عقوبات صارمة تصل إلى السجن المؤبد في بعض الحالات، إلا أن الجرائم لم تتوقف، ما يعكس وجود فجوة كبيرة بين التشريعات والتطبيق على أرض الواقع.

الإشكاليات الرئيسية التي تواجه تطبيق القوانين:

1. ضعف الحماية القانونية للضحايا: كثير من النساء المهددات بالقتل لا يحصلن على حماية فعلية رغم تقديم شكاوى متكررة ضد المعنفين.

2. غياب آليات التدخل السريع: حتى في الحالات التي يتم فيها إصدار قرارات حماية، غالبًا ما تُنفذ بعد وقوع الجريمة.

3. التسامح المجتمعي مع العنف ضد المرأة: لا يزال بعض أفراد المجتمع يرون العنف الزوجي "شأنًا عائليًا" وليس جريمة يعاقب عليها القانون.

4. قلة مراكز الإيواء والدعم النفسي والاجتماعي للنساء المعنفات: وهو ما يدفع العديد من الضحايا إلى البقاء في بيئة العنف خوفًا من التشرد أو فقدان أطفالهن.

المجتمع في مواجهة الأزمة.. ماذا بعد؟

إن استمرار جرائم قتل النساء في تونس ليس مجرد مشكلة قانونية، بل أزمة ثقافية واجتماعية عميقة. فالمطلوب ليس فقط تشديد العقوبات، بل إصلاح جذري في الفكر المجتمعي من خلال:

✔ تغيير الخطاب الإعلامي الذي لا يزال يُشرعن العنف أحيانًا عبر تصويره كـ "جرائم عاطفية".

✔ إدماج التربية على المساواة في المناهج الدراسية لغرس ثقافة احترام المرأة منذ الصغر.

✔ إطلاق حملات توعية واسعة النطاق بمشاركة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ورجال الدين.

✔ توفير مراكز إيواء ودعم فعالة للنساء المهددات حتى لا يجدن أنفسهن مجبرات على البقاء مع المعتدين عليهن.

متى تتوقف هذه الجرائم؟

إن قتل النساء ليس مجرد "أخبار عابرة" في صفحات الحوادث، بل هو مؤشر خطير على انهيار منظومة القيم والأمان في المجتمع. فكل يوم تتأخر فيه الدولة عن التحرك الجاد لحماية النساء، هو يوم يسقط فيه اسم جديد في قائمة الضحايا. والسؤال الذي يبقى مطروحًا: هل سننتظر سقوط ضحية جديدة حتى نتحرك؟

آخر الأخبار

نزيف مستمر: تصاعد جرائم قتل النساء في تونس وسط صمت مقلق

نزيف مستمر: تصاعد جرائم قتل النساء في تونس وسط صمت مقلق

بلاغ حول تسوية الوضعية العقارية للتجمع السكني المعروف "حي الملعب" الكائن بمعتمدية العروسة من ولاية سليانة

بلاغ حول تسوية الوضعية العقارية للتجمع السكني المعروف "حي الملعب" الكائن بمعتمدية العروسة من ولاية سليانة

وادي الزرقاء يحتضن مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الإيكولوجية: تظاهرة بيئية فريدة من نوعها

وادي الزرقاء يحتضن مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الإيكولوجية: تظاهرة بيئية فريدة من نوعها

نتائج مباريات كأس تونس: مفاجآت وأندية كبرى تواصل المشوار

نتائج مباريات كأس تونس: مفاجآت وأندية كبرى تواصل المشوار

الاعتداء على الصحفي محمد علي طالب.. استهداف جديد للكلمة الحرة؟

الاعتداء على الصحفي محمد علي طالب.. استهداف جديد للكلمة الحرة؟

Please publish modules in offcanvas position.