يعتبر مشروع نزل دار بية بمدينة صفاقس العتيقة وتحديدا بنهج الشيخ التيجاني،زقاق الذهب سابقا ،من أهم المشاريع التي ستميز مدينة صفاقس في الأيام القادمة باعتبار أن هذا المشروع هو مشروع ثقافي وسياحي بامتياز حاول صاحبه الدكتور محمد الناصر بن عرب ترميم معماره الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث المادي.
وقد انطلق الدكتور بن عرب في هذا المشروع منذ سنة 2009 رغبة منه في الدفاع عن التراث والتاريخ الخاص بمدينة صفاقس خاصة والمعمار التونسي والعربي عامة إذ بعد مد وجزر وأخذ ورد اصبح هذا المشروع أول نزل ذو طابع مميز بمدينة صفاقس.
وفي اطار سعيه الى مزيد أحياء الروح في قلب المدينة العتيقة بصفاقس والتي عانت الويلات والتهميش وخاصة على مستوى التراث والثقافة انطلق الدكتور بن عرب في احياء بادرة اخرى كانت تميز مدينة صفاقس من خلال تنظيم العرس الصفاقسي داخل المدينة العتيقة لفائدة مواطن اصيل صفاقس مقيم بفرنسا.
هذا وقد أشار الدكتور محمد ناصر بن عرب الى ان غاية هذا النوع من المبادرات هو محاولة لاحياء عادات وتقاليد كادت ان تنقرض مشيرا الى انه وانطلاقا من ترميم دار بية وترتيبها كنزل ذو طابع مميز نظرا لحفاظها على الهندسة المعمارية التقليدية الصفاقسية والعربية الاسلامية ستكون دار بية مؤسسة ليست سياحية فقط بل هيّ تمتاز بطموحاتها الثقافية و الحفاظ على تراث مدينة صفاقس المجيد ولهذه الأسباب سيتم تنظيم حفل زفاف بدار بية مساء يوم 12 اوت الجاري وذلك عبر جولة حول سور مدينة صفاقس العتيقة على متن "الكروسة" والحصان مرورا بالأبواب المعروفة التي تميز المدينة العتيقة وسورها كما ستكون موسيقى الباي حاضرة أثناء الحفل وخاصة أن مثل هذا النوع من الموسيقى كان من مميزات العرس الصفاقسي داخل السور وخارجه والتي اندثرت شيئا فشيئا بعد الاحتلال الفرنسي.
وللتذكير فدار بية يوجد فيها جذور الهندسة المعمارية العربية الاسلامية حيث تأسست مدينة صفاقس تحت الدولة الأغلبية في العهد العباسي وهو ما ترجمه الدكتور بن عرب في مشروعه باحياء معمار كان متداعيا للسقوط ويمكن القول أن هذه الدار التي توجد بمدينة اسسها بنو الأغلب من قبيلة بني تميم من الحجاز بالمدينة العربية تم اختيارها لتحتضن تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية لسنة 2016 وأصّر صاحبها الدكتور بن عرب على محافظة هندستها المعمارية التقليدية.
وتحتوي هذه الدار على مبيت ومطعم ومقهى ثقافية وتميز كل منها غرف تقليدية تحتوى على الأسرّة والأثاث العتيق الى جانب مطعم فاخر بوجبات خاصة بصفاقس وضواحيها و امكانية اعداد أطباق من الدول العربية كما نجد المقهى الثقافية والتي تم تسميتها "بلقيس" ملكة سبأ التي تمتاز بالذكاء والجمال والحكمة السياسية وهي التي أبهرت سيدنا سليمان وأسلمت من أجله.
والمقهى سيرتكز على مفهوم المساواة لأنه سيحتوى على رمز اربعة شعراء من العصر الجاهلي في الجزيرة العربية يمتاز كل منهما بالكرم وهم حاتم الطائي والذي كان مسيحيا والسموأل المشهور بالأمانة والذي كان يهوديا وعنترة بن شداد الأسود المشهور بالشجاعة وحبه المفرط لعبلة.
وهذا الرباعي يشكل آية في المساواة و في الضمير والخيال العربي الاسلامي حيث سيكون المقهى فضاء يلتقي فيه المبدعون من الشعراء والفنانين والمسرحيين والرسامين والموسيقيين والسينمائيين والمبدعين في الحرف اليدوية الى جانب الأكادميين والطلبة من مختلف الاختصاصات قصد المراجعة كما نجد السقيفة ثم المجنّبة التي تفتح على وسط الدار الذي يعتبر القلب النابض للمنزل وتفتح عليه كل الغرف الى جانب وجود الماجل والبئر.
هذا و قام الدكتور بن عرب بتعزيز هذا المشروع الثقافي السياحي علاوة على المنتوج الحرفي التونسي الأصيل بجلب اثاث وتحف من المغرب الأقصى و مصر وسوريا ولبنان.