اختر لغتك

 
الأزمة الأوكرانية تضع الجزائر تحت ضغط الوفاء بالتزامات الغاز لأوروبا

الأزمة الأوكرانية تضع الجزائر تحت ضغط الوفاء بالتزامات الغاز لأوروبا

معطيات متضاربة بين خطاب الحكومة والبيانات العملية في الإنتاج والتصدير.

وجه الرئيس الجزائري رسائل طمأنة إلى الشركاء الأوروبيين حول التزام بلاده بتموين حاجياتهم من الغاز في ظل الضغوط التي تفرضها الأزمة الأوكرانية. لكن هذه الرسائل تصطدم بالقدرات الإنتاجية والتسويقية، وهو ما يعيد إلى المشهد وضع الخط المغاربي الذي أوقفته الجزائر بسبب أزمتها الدبلوماسية مع المغرب.

الجزائر - استغل الرئيس عبدالمجيد تبون فرصة الاحتفالية السنوية بتأميم قطاع المحروقات وتأسيس كبرى النقابات التاريخية في البلاد، لتوجيه رسائل طمأنة إلى الشركاء الأوروبيين، قدم من خلالها تعهدات بالتزام بلاده بتلبية حاجيات السوق الأوروبية من الطاقة، في ظل الأزمة الأوكرانية التي ألقت بتداعياتها على وصول الغاز الروسي إلى أوروبا.

وجاءت رسائل تبون في خضم تصاعد مخاوف أوروبية من أزمة غاز تهدد القارة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وشروعها في البحث عن بدائل للغاز الروسي، الأمر الذي وضع الجزائر في صدارة الوجهات المعنية بالخطاب الأوروبي، خاصة وأنها تعتبر أقرب الدول المنتجة للغاز إلى أوروبا.

لكن يبقى العائق الأكبر أمام الجزائر هو تلبية الكميات المطلوبة، في ظل تواضع القدرات الإنتاجية مع تصاعد وتيرة الاستهلاك الداخلي، وتوقف الأنبوب المغاربي المار عبر المغرب عن الضخ بسبب الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ عدة أشهر.

وكان تبون قد دعا إلى حوار بناء بين المنتجين والمستهلكين للغاز، خلال قمة الدول المصدرة المنعقدة مؤخرا في دولة قطر، وذلك في خضم الجدل المتصاعد حول ارتفاع أسعار الطاقة خلال الأسابيع الأخيرة، لأسباب مختلفة تأتي على رأسها الأزمة الأوكرانية.

وإذ حمل خطاب الرئيس تبون، الذي قرأه بالنيابة عنه وزيره الأول أيمن بن عبدالرحمن، في الاحتفالية التي أقيمت في قاعدة حاسي مسعود لإنتاج الطاقة، تفاؤلا حول الحاضر والمستقبل الطاقوي في الجزائر، إلا أن معطيات أخرى تذهب عكس ذلك، فقد سبق لوزير الطاقة السابق عبدالمجيد عطار أن وجه تحذيرات حول تراجع قدرات البلاد في مجال إنتاج وتصدير النفط والغاز، وذكر بأن “ضغط الاستهلاك الداخلي سيستهلك غالبية الإنتاج من الغاز خلال السنوات المقبلة، وأن تراجع المخزون النفطي سيزيح في المدى المتوسط الجزائر من لائحة الدول المنضوية تحت لواء منظمة ‘أوبك'”.

وفيما كانت الإدارة الأميركية قد أجرت اتصالات مباشرة مع إدارات شركات نفطية عالمية عاملة في الجزائر، على غرار “توتال” و”إيني” و”أكوينور” و”أوكسيدونتال بترلوليوم”، دون المرور على الحكومة الجزائرية، وذلك لبحث تأمين الأوروبيين من الغاز الجزائري، فإن دول الاتحاد الأوروبي دخلت هي الأخرى في خطوات مماثلة، بشكل يمثل ضغطا غير مسبوق يضع معه خطاب السيادة الذي ما فتئت تروج له الجزائر على المحك.

ولم تستبعد مصادر متابعة للملف أن تتطور الضغوط المذكورة في المدى القريب، من أجل إعادة تفعيل الضخ عبر الأنبوب المغاربي، بغية تلبية الحاجيات المتصاعدة في أوروبا، خاصة وأن خط أنبوب “ميدغاز” الواصل إلى إسبانيا عبر البحر، لم يوفر الحاجيات المطلوبة، رغم التوسعة التي أجريت عليه، والاستعانة بناقلات بحرية.

ولفتت تلك المصادر إلى أن الأزمة الأوكرانية تدفع تدريجيا باتجاه افتقاد الدول المنتجة للقرار السيادي، بسبب الضغوط المتنامية من أجل توفير مادة دخلت في خانة الحاجيات الاستراتيجية، ولذلك تتوجه الجزائر إلى بحث فرص مضاعفة الإنتاج والتصدير، وهو ما حدا بالحكومة الجزائرية إلى الإسراع في تحضير طبعة جديدة من قانون الاستثمار ستكون جاهزة في غضون شهر، حسب ما ورد في خطاب تبون.

ويبدو أن تبون الباحث عن سند سياسي له من قبل الأوروبيين، يستعين في تطميناته بالارتفاع المسجل في إنتاج شركة سوناطراك الحكومية المحتكرة للقطاع خلال السنة الماضية بنحو 14 في المئة، وعاد في كلمته إلى توجه بلاده لاستثمار نحو 40 مليار دولار في القطاع الطاقوي، خاصة في مجال التنقيب والإنتاج.

وذكر في هذا الشأن “برهن قطاع المحروقات على استعداده للمساهمة في الأمن الطاقوي لشركائنا من الدول وهذا عبر تأمين التموين بالمحروقات، خاصة من الغاز الطبيعي، إذ سجل نمو الإنتاج الأولي ارتفاعا محسوسا في سنة 2021 قدر بنسبة 14 في المئة للمحروقات و23 في المئة للغاز، تماشيا مع عودة الحركية الاقتصادية العالمية”.

وأضاف “الجزائر اكتسبت قدرات هائلة، حيث أصبحت تتوفر على منشآت صناعية كبيرة في مجال عمليات تكرير النفط، والصناعات البتروكيمياوية والنقل بالأنابيب وكذا التصدير، لاسيما من خلال خطوط الأنابيب التي تربط بلادنا بقارة أوروبا، وقدرات تمييع الغاز الطبيعي وكذلك ناقلات الغاز الطبيعي المسال… كللت هذه المجهودات بتخفيض الواردات من المشتقات البترولية بما يفوق 50 في المئة خلال سنة 2021 مع التطلع إلى التوجه إلى التصدير في السنوات القليلة القادمة، كما لم تستورد أي كمية من الوقود في سنة 2021”.

لكن في المقابل تتداول تقارير محلية ما ورد في موقع “ألجيري بارت”، بأن “إنتاج الجزائر من النفط الخام شهد ركودا خطيرا رغم ارتفاع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية ليتجاوز حاجز الـ100 دولار للبرميل، وأن الجزائر لم تتمكن حتى من الوصول إلى عتبات حصص الإنتاج التي حددتها منظمة الدول المصدرة للنفط (980 ألف برميل يوميا)”.

وأضاف “شركة سوناطراك وشركاؤها الأجانب ينتجون بالكاد 939 ألف برميل من النفط يوميا فقط، وهذا المستوى من الإنتاج يعد ضعيفا جدا مقارنة بالإمكانات الإنتاجية الحقيقية المتاحة للجزائر، كما أن هذا المُستوى الضئيل من الإنتاج لا يسمح للجزائر بتصدير كميات كبيرة من النفط إلى الخارج للاستفادة من هذا الارتفاع المُذهل في أسعار برميل النفط في الأسواق العالمية جراء ما يحدث في أوكرانيا”.

 

 

آخر الأخبار

الجزائر تسحب سفيرها من فرنسا عقب دعم باريس لموقف المغرب بشأن الصحراء الغربية

الجزائر تسحب سفيرها من فرنسا عقب دعم باريس لموقف المغرب بشأن الصحراء الغربية

يوسف سنانة يثير الجدل: إعارة إلى ترجي جرجيس وسط غياب ومطالب بفسخ العقد!

يوسف سنانة يثير الجدل: إعارة إلى ترجي جرجيس وسط غياب ومطالب بفسخ العقد!

مهرجان أوذنة الدولي: ثاني سهرات الدورة الرابعة تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية

مهرجان أوذنة الدولي: ثاني سهرات الدورة الرابعة تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية

إصابة محمد أمين الحمروني تتطلب راحة طويلة وتدخلًا جراحيًا

إصابة محمد أمين الحمروني تتطلب راحة طويلة وتدخلًا جراحيًا

مهرجان أريانة: سوء تنظيم وترحيب  "بالمعارف" بدل الصحفيين

مهرجان أريانة: سوء تنظيم وترحيب "بالمعارف" بدل الصحفيين

Please publish modules in offcanvas position.