اختر لغتك

نظام المبادر الذاتي في تونس

نظام المبادر الذاتي في تونس

في سياق التحولات الاقتصادية المتسارعة، برز نظام المبادر الذاتي في تونس كإطار قانوني يسعى إلى استيعاب الفاعلين الاقتصاديين غير المهيكلين ضمن منظومة رسمية محددة القواعد والالتزامات، هذه المبادرة التي تم إقرارها بموجب المرسوم عدد 33 لسنة 2020، تضع إطارا تنظيميا يهدف إلى تبسيط الإجراءات القانونية والجبائية للأفراد الراغبين في مزاولة أنشطتهم في حدود سقف مالي محدد لا يتجاوز 75,000 دينار سنويا.

مقالات ذات صلة:

إسقاط مقترح قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين هل هو إشكالية في البنية التشريعية أم في استراتيجية الدولة تجاه القضايا الإنسانية ؟ 

لجنة الاستئناف السابقة: نقطة مظلمة في تاريخ الرياضة التونسية أم انعكاس لنظام أعمق؟

الهجرة الجماعية للأطباء التونسيين: تحديات حقيقية وتأثيرات بعيدة المدى على النظام الصحي في تونس

ويمثل هذا النظام نقطة تقاطع بين ضرورات الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات الرقمنة الإدارية، حيث يتميز بإجراءات تسجيل مبسطة عبر منصة إلكترونية، دون الحاجة إلى مراجعة مكثفة للإدارات، مما يسهل عملية الإدماج الرسمي للأنشطة الفردية؛ كما أنه يتضمن مجموعة من الامتيازات الجبائية، حيث يخضع المبادر الذاتي لنظام ضرائبي مخفف مقارنة بالأنظمة الأخرى، مع التزامه بمحاسبة مبسطة والتصريح بدخله كل ثلاثة أشهر.
  من جهة أخرى، لا تقتصر أبعاد النظام على الجوانب التقنية والقانونية فقط، بل تمتد إلى سياقات أوسع ترتبط بالحركية الاقتصادية والاجتماعية، فمن خلال إتاحة الفرصة لمزاولة أنشطة فردية في إطار منظم يتحول النظام إلى وسيلة لإعادة هيكلة جزء من الاقتصاد الموازي بما يسمح بإدماج شرائح واسعة من الفاعلين الاقتصاديين في الدورة الاقتصادية الرسمية ومنحهم إمكانية الانتفاع بالتغطية الاجتماعية والخدمات الصحية.
   على المستوى الاقتصادي العام، يشكل نظام المبادرة الذاتية رافدا لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة، باعتبارها محركا أساسيا للنمو، إضافة إلى دوره في تخفيف الضغط على سوق العمل من خلال خلق مساحات جديدة للتشغيل الذاتي؛ وفي الوقت نفسه ينسجم هذا الإطار مع التوجهات العامة للدولة نحو التحول الرقمي وتسهيل الإجراءات الإدارية، بما يعكس مسارا متدرجا نحو إعادة ضبط العلاقة بين الاقتصاد الرسمي والأنشطة المستقلة غير المنظمة.
    ومع ذلك، يواجه هذا النظام تحديات تتعلق بتطبيقه العملي، أبرزها الصعوبات التقنية المرتبطة بالمنصة الإلكترونية، إضافة إلى بعض القيود القانونية، مثل شرط عدم حصول المبادر على معرف جبائي سابق، وهو ما قد يستثني فئات معينة من الاستفادة من هذا الإطار القانوني، كما أن نجاح هذه المبادرة يبقى رهين مستوى الوعي بها مما يفرض الحاجة إلى تكثيف جهود التوعية بآلياتها وفوائدها لضمان انخراط أوسع في المنظومة الجديدة.

آخر الأخبار

مبادرة وطنية جريئة: تونس تتحرك ضد المخدرات بحملة شاملة تبدأ من الأسرة

مبادرة وطنية جريئة: تونس تتحرك ضد المخدرات بحملة شاملة تبدأ من الأسرة

الدوري الإيطالي يتوقف على وقع الحداد: وفاة البابا فرنسيس تُؤجل قمة جوفنتوس ولاتسيو

الدوري الإيطالي يتوقف على وقع الحداد: وفاة البابا فرنسيس تُؤجل قمة جوفنتوس ولاتسيو

طقس الإثنين: أمطار رعدية وبرد وانخفاض حاد في الحرارة!

طقس الإثنين: أمطار رعدية وبرد وانخفاض حاد في الحرارة!

الشعر العربي المعاصر... إلى أين؟ التهامي الهاني يضع القصيدة على محك السؤال

الشعر العربي المعاصر... إلى أين؟ التهامي الهاني يضع القصيدة على محك السؤال

تراثي في مدرستي: الواقع الافتراضي يقتحم الأقسام الريفية في تونس

تراثي في مدرستي: الواقع الافتراضي يقتحم الأقسام الريفية في تونس

Please publish modules in offcanvas position.