اختر لغتك

لا حق لإسرائيل بـ"التعويضات": وقائع هجرة اليهود من الدول العربية

لا حق لإسرائيل بـ"التعويضات": وقائع هجرة اليهود من الدول العربية - اتفاقات إسرائيلية – عربية حول هجرة اليهود

اتفاقات إسرائيلية – عربية حول هجرة اليهود
 
الأمر الثالث، الذي يدحض مزاعم إسرائيل لدى مطالبتها بـ"تعويضات" على أملاك اليهود في الدول العربية يتعلق بالطريقة التي جرت فيها هجرة هؤلاء اليهود ومغادرتهم لأوطانهم. وتؤكد دراسات، وضعها مؤرخون وسياسيون إسرائيليون، على أن هجرة اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل لم تكن دائما بمبادرة منهم. بل إنه في معظم الحالات كانت بمبادرة إسرائيل، وبتنفيذ الموساد، لأسباب عديدة بينها زيادة عدد السكان اليهود بعد النكبة خصوصا.
 
في هذا السياق، يقول رئيس الكنيست ورئيس الوكالة اليهودية الأسبق، أبراهام بورغ، في كتابه "الانتصار على هتلر"، إن قادة إسرائيل رأوا بعد تأسيس الدولة مباشرة، أن السكان اليهود فيها، وبغالبيتهم العظمى هم من اليهود الأشكناز، وقسم كبير منهم هم ناجون من الهولوكوست، كانوا "شظايا بشر" بسبب الأهوال التي تعرضوا لها إبان الحكم النازي لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. ولذلك، قرر قادة إسرائيل العمل على جلب يهود من الدول العربية والمشرق عموما، كي يتمكنوا من بناء الدولة الجديدة.
 
ويروي رئيس الكنيست والوزير الإسرائيلي السابق، شلومو هليل، في كتابه "ريح شرقية"، نشاطه في إطار جهاز الموساد، من أجل هجرة اليهود من العراق إلى إسرائيل. ويقول هيلل في كتابه إنه في أعقاب قيام إسرائيل، تمكن سوية مع مجموعة من عملاء الموساد من الدخول إلى العراق، وإجراء مفاوضات مع رئيس الحكومة العراقي في حينه، توفيق السويدي. وبعد عودته إلى إسرائيل، التقى هيلل مع المسؤول الكبير في الوكالة اليهودية، ليفي أشكول، وطلب منه توفير طائرات لنقل يهود من العراق إلى إسرائيل. لكن أشكول رفض ذلك، بسبب عدم توفر أماكن مبيت وعمل لعدد كبير من المهاجرين، مشيرا إلى أنه "خرجنا من الحرب للتو" في إشارة إلى حرب 1948. واقترح توفير طائرات "لجلب 10 آلاف مهاجر فقط". 
 
وأثار رد أشكول غضب هيلل، وتوجه إلى رئيس الحكومة حينذاك، دافيد بن غوريون، الذي قال: "يجب إحضارهم فورا". وكتب هيلل إنه "لم أكن بحاجة إلى إقناع بن غوريون". وكان دافع بن غوريون أنه في حال عدم إحضار يهود من العراق، فإن العراقيين سيستوعبون لاحقا أنهم أخطأوا بالسماح بهجرة اليهود، الذي تبوأوا مناصب هامة كمثقفين ومهنيين، وأنه بهجرتهم إلى إسرائيل سيعززون الكيان الجديد وسيوقفون هجرة اليهود. لذلك قال بن غوريون، حسبما اقتبسه هيلل في كتابه، إنه "يجب إحضارهم قبل أن يكتشفوا خطأهم". وأضاف هيلل أنه في العامين 1949 – 1950 هرب آلاف اليهود من العراق، "وبينهم أصحاب رؤوس أموال الذين نجحوا في تهريب أملاكهم معهم".
 
وفي حالة هجرة يهود المغرب إلى إسرائيل، يقول المؤرخ الإسرائيلي يغئال بن نون (المجلد 19 لمجلة "جماعة" الصادرة عن جامعة بن غوريون في بئر السبع)، إن هجرة يهود اليمن "لم يكن خروجا إلى الحرية على غرار الخروج من مصر (كما تصوره الأسطورة التوراتية). ولم يتدفق يهود المغرب خلف زعيم يخرجهم من العبودية إلى الحرية. وهذا الحدث كان عبارة عن عملية ’إجلاء’، ونقل سكان بأعداد كبيرة من دولة إلى أخرى".
 
ويقول الكاتب والصحافي الإسرائيلي شموئيل سيغف، في كتابه "العلاقة المغربية: الاتصالات السرية بين إسرائيل والمغرب"، إن القيادة المغربية أرادت الحفاظ على بقاء اليهود لديها، لأنهم كانوا مديرين جيدين في السلك الحكومي وساعدوا في إدارة البلاد. ولذلك، وفقا لسيغف، فإن خروج اليهود من المغرب وهجرتهم إلى إسرائيل كان مقرونا بدفع تعويض للمغرب على خسارته مؤهلات إدارية.
 
وأكد سيغف أنه توصلت إسرائيل مع الملك المغربي الحسن الثاني، في العام الأول لجلوسه على العرش (1961)، إلى "اتفاق مالي". كما أن إسرائيل قدمت مساعدات عسكرية للمغرب في حربها ضد البوليساريو، ونزاعها الحدودي مع الجزائر، كما أن إسرائيل زودت المغرب بكميات كبيرة من السلاح.
 
ورغم أنه قد يكون هناك حق ليهود هاجروا من دول عربية إسرائيل، كأفراد وحسب، بالمطالبة بتعويض على مُلك، إلا أنه يظهر مما تقدم أن إسرائيل بمطالبتها بـ"تعويضات" من الدول العربية بادعاء أنهم تركوا وراءهم أملاكا في مواطنهم التي هجروها، هي ليست أكثر من خديعة إسرائيلية، خاصة وأنها هي التي ارتكبت جريمة تهجير غالبية هؤلاء اليهود من الدول العربية والذين لم يفكروا بالهجرة، ولاقوا في إسرائيل معاملة عنصرية ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
 
وإذا كانت إسرائيل تعتزم، كما تصرح، باستخدام خديعة "التعويضات" هذه، وبحجم 250 مليار دولار، في إطار مواجهتها لخطة سلام، فإن إسرائيل تسعى عمليا إلى رفض خطة السلام التي يعمل عليها، وقد يطرحها، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يعتبر أبرز داعم لإسرائيل وسياساتها العدوانية.
 
 

آخر الأخبار

1 ماي... موعد العطاء والنضال: اتحاد عمال تونس يحتفي بعيد الشغل والذكرى الرابعة عشرة لتأسيسه

غرة ماي... موعد العطاء والنضال: اتحاد عمال تونس يحتفي بعيد الشغل والذكرى الرابعة عشرة لتأسيسه

حين تختار الطريق من يختارك

حين تختار الطريق من يختارك

في مواجهة الغلاء: اتحاد عمال تونس يتمسك بزيادة تحفظ كرامة العمال

في مواجهة الغلاء: اتحاد عمال تونس يتمسك بزيادة تحفظ كرامة العمال

نسور قرطاج يعودون إلى قطر للمنافسة على لقب كأس العرب 2025

نسور قرطاج يعودون إلى قطر للمنافسة على لقب كأس العرب 2025

الأمم المتحدة تحتفل بثمانين عامًا من العطاء في معرض تونس الدولي للكتاب

الأمم المتحدة تحتفل بثمانين عامًا من العطاء في معرض تونس الدولي للكتاب

Please publish modules in offcanvas position.