الصفحة 3 من 3
تضييق الخناق
أيقنت الكثير من الدول الأوروبية مؤخرا خطورة وأهداف جماعة الإخوان على مجتمعاتها، لذلك اتجهت إلى تضييق الخناق عليها، إذ ترى الدول الغربية أن أفكار الجماعة تعتبر الأساس الذي استندت إليه الجماعات المتطرفة والمتشددة بالإضافة إلى تاريخ الاغتيالات التي تورطت فيها الجماعة.
وفي هذا المضمار يعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أشد المناوئين لوجود تيارات الإسلام السياسي وفي القلب منه تنظيم الإخوان في فرنسا، معتبرا أنه يتحمل المسؤولية المطلقة في العمليات الإرهابية التي ضربت بلاده طيلة السنوات الأخيرة (مسرح البتاكلان، وشارلي إيبدو وحادثة نيس وغيرها من الحوادث الإرهابية، ناهيك عن مساهمته الفعالة في تنامي الفكر المتشدد لدى أبناء الجاليات المسلمة. متوعدا بالتصدي له بكل الأشكال.
ولا تقل بريطانيا توجسا من تمركز عناصر الإخوان على ترابها، فإضافة إلى سعيها الدؤوب لتصنيف تنظيمي “حمس” و”لواء الثورة” التابعين للإخوان كمنظمتين إرهابيتين، فإن الكثير من المسؤولين الرسميين عبّروا عن ضرورة اتخاذ إجراءات تحد من تمدد التنظيم وذلك بالتشديد في قواعد الإقامة ومتابعة ومراقبة الكيانات المرتبطة بالإسلاميين خاصة التنظيمات السرية.
ورغم أن ألمانيا تعد من البلدان المتسامحة إلا أنها بدأت تراجع مواقفها بعد اكتشافها أن الإخوان يمثلون حاضنة فكرية للتشدد لذلك اتجهت لتشديد المراقبة على جميع الأنشطة والتحركات والمنظمات المرتبطة بالتنظيم لإدراكها لما تشكله من خطر محدق يهدد الأمن والاستقرار في البلاد.
وبدأت الصحافة الألمانية تفتح ملفات التنظيم وتنبش في أفكاره وارتباطاته، معتبرة أن توسع الإخوان في البلاد بات أمرا مقلقا بالفعل، يتوجب الحذر منه، وهو تحذير يلتقي مع لفت انتباه بالغ الخطورة صدر عن رئيس هيئة حماية الدستور والاستخبارات الألمانية الداخلية بأن خطر “الإخوان” على ألمانيا على المدى المتوسط أكبر من خطر التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل “داعش” و”القاعدة”. مشيراً إلى أن “الجماعات المحلية المرتبطة بالإخوان تجتذب بشكل متزايد لاجئين عرب في ألمانيا لتستخدمهم لأهدافها الخاصة، إذ يستقطبهم قادة الإخوان في البداية بزعم تلقيهم الدعم المالي، ثم تدرجهم في برامج تدريب خاصة بها، مخصصة برنامج لكل فئة من هذه الفئات بما يتماشى مع التوجهات الإخوانية”.
وفي بلدان شمال القارة الأوروبية بدأت الأجهزة الأمنية المختصة تراقب تحركات وسلوكات جماعة الإخوان المسلمين وخاصة المنظمات والمراكز المرتبطة بنشاط الإسلاميين والدول الداعمة لهم أساسا تركيا وقطر، عبر رصد متواصل لأنشطة “المركز الأوربي للإفتاء والبحوث” و”اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا”، باعتبارها فضاءات تروج لأطروحات راديكالية وواجهة لتمدد نشاط الإسلاميين.
وينظر مراقبون أوروبيون إلى تنامي الوجود الإخواني في بلدانهم، وسهولة ممارسة نشاطاتهم الدعوية، باعتباره الخطر الأول على الديمقراطية والعلمانية هناك، لأن الإخوان لا يعترفون بالعملية السياسية وقوانين الحكم في الدول الديمقراطية، مثل تداول السلطة وحرية العمل السياسي للأحزاب.
الأمر الذي يفرض على بلدان القارة بلورة استراتيجيات موحدة على المدى القريب والمتوسط للتصدي للتمدد الإخواني داخل الفضاء المشترك، لحماية الأجيال الشابة هناك من الأفكار المتطرفة.