في مشهد غير مسبوق، غرقت إسبانيا والبرتغال في ظلامٍ دامس مساء الاثنين 27 أفريل 2025، بعد انهيار واسع النطاق في شبكة الكهرباء، أدى إلى شلل كامل في وسائل النقل والمستشفيات، وأشعل فتيل الذعر في شوارع مدريد ولشبونة.
الكهرباء اختفت فجأة، في خمس ثوانٍ فقط. أكثر من 15 غيغاوات من القدرة الإنتاجية تبخّرت، أي ما يعادل 60% من الطلب في إسبانيا، كما كشف رئيس الوزراء بيدرو سانشيث في تصريحات لم تخلُ من التوتر والقلق. وأضاف: "هذا أمر لم يحدث من قبل".
حالة طوارئ وطنية... واتهامات متبادلة
ردًا على الحادثة، أعلنت إسبانيا حالة طوارئ وطنية، ونشرت 30 ألف شرطي في مختلف أنحاء البلاد لضمان الأمن، فيما عقدت الحكومتان الإسبانية والبرتغالية اجتماعات طارئة وسط تبادل للاتهامات: البرتغال أشارت إلى أن الخلل بدأ في إسبانيا، والأخيرة لمّحت إلى انقطاع مفاجئ في الربط الكهربائي مع فرنسا.
لكن خلف هذا التردد الرسمي، تتصاعد الشكوك: هل وقع هجوم إلكتروني؟ هل هناك عمل تخريبي؟ لا أحد يؤكد، ولا أحد ينفي. حتى الآن، كل السيناريوهات مفتوحة.
مستشفيات مشلولة ومصافي نفط مغلقة
في مدريد وقطالونيا، أوقفت المستشفيات العمليات الروتينية، واشتغلت على الحالات الحرجة بمولدات احتياطية. توقفت متروهات لشبونة وبورتو، وسُجلت فوضى مرورية عارمة بعد تعطّل إشارات المرور.
أما المتاجر الكبرى، فتحولت إلى ساحات ازدحام وهلع، حيث هرع المواطنون لتخزين المؤن. وأُغلقت بعض مصافي النفط في إسبانيا، في مشهد أعاد إلى الأذهان أزمة إيطاليا سنة 2003، بل وتفوق عليها في النطاق والتأثير.
فرنسا تتدخل... والضوء يعود ببطء
في تطور لافت، تدخلت شركة الكهرباء الفرنسية لتغذية شمال إسبانيا جزئيًا، فيما استعادت برشلونة وإقليم الباسك بعض التيار بعد الظهر، بينما عاد الضوء تدريجيًا إلى مدريد والمناطق البرتغالية في المساء.
الشركات المشغّلة أكدت أن 61% من الشبكة الإسبانية و85 محطة فرعية في البرتغال عادت للعمل، لكن التساؤلات مازالت قائمة، خاصة مع تكرار الحوادث المماثلة في أوروبا خلال العقدين الماضيين.
رسالة مقلقة: البنية التحتية ليست محصّنة
هذا الانقطاع الكارثي أعاد طرح السؤال القديم الجديد: هل أنظمتنا الحديثة جاهزة للصدمات؟ فبين اعتماد متزايد على الطاقات المتجددة، وتحوّل رقمي عميق، يبدو أن أوروبا مازالت تعيش على شفا انهيار.
ما حدث في دقائق... قد يُعيد التفكير في سنوات!