في لقاء هام جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزيرة العدل السيدة ليلى جفال، تم التأكيد على أهمية التنقيح القانوني في تونس كخطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة ومكافحة الفساد، وقد أسدى الرئيس تعليماته بضرورة الإسراع في البت في القضايا المعلقة منذ سنوات، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالاغتيالات السياسية والفساد.
تأتي هذه التوجيهات في إطار التزام الحكومة التونسية بتعزيز مبادئ العدالة والشفافية، وتعزيز الثقة بين المؤسسات العامة والمواطنين، فالتأخير في النظر في هذه القضايا الحساسة يمكن أن يؤدي إلى تعزيز المشاعر السلبية وتفاقم الشكوك في النظام القضائي.
واستعرض رئيس الدولة التعاون بين تونس ولبنان، وأشار إلى أهمية تبادل الخبرات والمعرفة في المجال القانوني، وذكّر بسلسلة من المحاضرات التي ألقاها عدد من القضاة والمفكرين التونسيين، مثل زهدي يكن و"إيميل تيان" وخليل جريح والدكتور موريس نصر، فهذه المحاضرات التي ألقيت في تونس وبيروت تعكس التاريخ العريق للعدالة والقانون في المنطقة، وتعزز التعاون الثقافي والتبادل العلمي بين البلدين.
وبخصوص التنقيح القانوني، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة تعديل الفصلين 96 و 97 من المجلة الجزائية، وذلك لمنع تعطيل مصالح الدولة والتنكيل بالمواطنين، فالفصلان المذكوران يتيحان للأشخاص الذين يحتلون مناصب سلطة مقيدة داخل الدولة أو المؤسسات العمومية التهرب من المسؤولية وعرقلة المشاريع الهامة، وهو أمر لا يمكن تقبله في ظل الرغبة الحقيقية في تعزيز العدالة والمساواة.
كما تم الاطلاع على مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، والذي سيتم مناقشته في مجلس الوزراء قبل عرضه على مجلس نواب الشعب، هذا المشروع يهدف إلى تحسين البيئة التجارية وتعزيز بيئة الأعمال في تونس، ويعكس التزام الحكومة بتعزيز القوانين التجارية وتوفير بيئة ملائمة للاستثمار والتنمية الاقتصادية.
إن التنقيح القانوني في تونس يعد إشارة إيجابية نحو بناء دولة القانون وتحقيق العدالة، فهو يعزز الثقة في النظام القضائي ويضمن حقوق المواطنين والشفافية في إدارة العدالة؛ وبالتالي، فإن المبادرات التي تهدف إلى تعزيز القوانين ومكافحة الفساد تعزز استقرار البلاد وتعزز التنمية المستدامة.
على الرغم من أن التنقيح القانوني يمثل خطوة هامة، إلا أنه يجب أن يتم بشكل دقيق ومدروس، و ينبغي أن يشمل استشارة الخبراء والمختصين في المجال القانوني، وأن يتم تحليل الآثار المحتملة للتغييرات القانونية على المجتمع والقطاعات المختلفة، كما يجب أن يتم توفير الدعم اللازم للنظام القضائي لتنفيذ هذه التغييرات وضمان تطبيقها بكل فعالية.
تونس تسعى بجدية إلى تحقيق العدالة ومكافحة الفساد، والتنقيح القانوني يعد أحد الأدوات الرئيسية في هذا السياق، إنها فرصة لتعزيز الثقة في النظام القضائي وتعزيز حقوق المواطنين وبناء مؤسسات قوية وشفافة، ومن خلال العمل المشترك والتزام الحكومة والمجتمع المدني، يمكن لتونس أن تحقق التقدم في مجال العدالة وتعزيز القوانين التي تحقق المساواة والعدالة للجميع.
إيمان مزريقي