تحتفل تونس اليوم السبت، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق للـ8 من مارس، الذي حددته الأمم المتحدة هذا العام تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات". يعد هذا اليوم مناسبة لإعادة التأكيد على الحاجة الملحة للانخراط الجاد في مسار إقرار إجراءات تفتح الأفق لمستقبل نسوي مفعم بالمساواة في الحقوق والفرص للجميع، ويضمن أن لا يتخلف أحد عن الركب.
مقالات ذات صلة:
احتفاءً بالمرأة: تكريم 19 أمًّا تونسية تجاوزن التحديات في حفل موسيقي بمدينة الثقافة
وزيرة الأسرة تدعم ريادة المرأة وتفتتح مؤسسات الطفولة في سوسة
30 عامًا على منهاج بيجين: هل أوفت الدول العربية بوعودها تجاه المرأة؟
تونس نموذجًا في حماية حقوق المرأة
تستمر تونس في تصدرها قائمة الدول الرائدة في مجال حماية حقوق المرأة بفضل الإصلاحات القانونية التي بدأت منذ الاستقلال وتواصلت خلال السنوات الأخيرة. هذه الإصلاحات كان لها دور كبير في تحسين وضع المرأة التونسية في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية. ورغم هذه النجاحات، لا يزال التحدي قائمًا، حيث أشار العديد من الخبراء إلى استمرار وجود مظاهر اجتماعية للتمييز لا زالت تؤثر على مكانة المرأة في بعض القطاعات.
وفي هذا السياق، أكدت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمراة التونسية، في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن "التقدم التشريعي في تونس، على أهميته، لا يكفي لتحقيق المساواة التامة مع الرجل". وأضافت أن "النظرة الذكورية التي تميّز ضد المرأة" لا تزال قائمة رغم القوانين الحمائية.
التباين بين القوانين والواقع الاجتماعي
رغم التقدم الكبير في إطار القوانين، إلا أن الجربي أكدت وجود تباين بين هذه المنظومة القانونية المثالية والواقع الاجتماعي والاقتصادي. وبالنسبة لها، لا بد من التحسيس ورفع الوعي الثقافي والقانوني حول حقوق المرأة، وذلك لضمان توازن اجتماعي ينعكس إيجابيًا على المجتمع التونسي ككل.
التحديات الاقتصادية والعمل في القطاع غير المنظم
في جانب آخر، تحدثت الجربي عن الوضع الاقتصادي للمرأة التونسية اليوم، موضحة أن "المرأة التونسية تمكنت من دخول مختلف الميادين ومنها العلوم والصحة والهندسة"، ولكنها أكدت أن التمييز الاقتصادي لا يزال قائمًا، حيث أن "النساء العاملات في الأنشطة غير المنظمة مثل العاملات الفلاحيات والعاملات في المعامل يتقاضين أجورًا أقل مقارنة بالرجال". وأضافت أن هذه الفجوة لا تقتصر على القطاع الخاص فقط، بل تشمل حتى القطاع العام.
وقد شددت الجربي على ضرورة تمكين المرأة اقتصاديًا، وذلك من خلال تخصيص الموارد وتقديم التمويلات التي تساعد النساء على إنشاء مشاريعهن الخاصة، بهدف تمكينهن من تحقيق الاستقلالية الاقتصادية. وهي خطوة لا تساهم فقط في تحسين وضع المرأة، بل تساهم في رفع مستوى الاقتصاد الوطني بشكل عام.
حقوق الصحة الإنجابية وضرورة تعزيز الحماية الاجتماعية
على صعيد حقوق الصحة، أشادت الجربي بـ التقدم الذي حققته تونس في مجال الحقوق الصحية الإنجابية، لا سيما في ما يتعلق بحق المرأة في الإجهاض الذي لا يزال يشهد تراجعًا في بعض البلدان المتقدمة. في المقابل، أكدت الجربي على ضرورة استمرار حماية هذه الحقوق وتعزيزها في المستقبل، خاصة في ظل الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تمر به تونس.
العنف ضد المرأة: قضية مستمرة رغم التقدم
أما في ما يتعلق بتعرض النساء للعنف في الفضاء العام، فقد أعربت الجربي عن قلقها من استمرار هذه الظاهرة، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي الذي يؤثر بشكل مباشر على الأسرة التونسية. وأشارت إلى أن العديد من النساء يتعرضن للسرقة في الفضاءات العامة، مما يتطلب المزيد من الإجراءات الأمنية والاجتماعية لمكافحة هذا العنف.
نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق
ورحبت الجربي أيضًا بإعلان الحكومة عن نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق، والذي من شأنه أن يساعد المرأة المطلقة وأبنائها في الاستفادة من التغطية الاجتماعية والاندماج الاقتصادي. وأكدت أن تفعيل صندوق النفقة يعد خطوة هامة لضمان الحقوق الاجتماعية للنساء المطلقات، وتوفير الحماية المالية والاجتماعية لهن.
المسار طويل لكن المرأة التونسية تسير بثبات
رغم التحديات العديدة التي ما زالت تواجه المرأة التونسية، أكدت الجربي أن المرأة التونسية تسير بثبات نحو تحقيق المزيد من حقوقها والمساواة مع الرجل في جميع جوانب الحياة. فالتحديات ما زالت قائمة، لكن الإصرار على تجاوزها يعكس الإرادة الجماعية لبناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.
ختامًا، يبقى اليوم العالمي للمرأة في تونس فرصة لتسليط الضوء على هذه القضايا ودعوة الجميع للعمل بشكل أكبر من أجل تحقيق المساواة التامة بين الجنسين في جميع القطاعات والمجالات.