الصفحة 3 من 5
غياب الخلفية
لم تكن هناك في جلسة الاستماع محاولة لفهم أو تفهم أسباب تحرك سعيّد أو الإقرار ولو ضمنيا بفشل حركة “الربيع العربي”. وقد لخص الإطار العام للنقاش إلى حدّ كبير قول رئيس الجلسة (ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا) تيد دويتش بأن “الديمقراطية في تونس في خطر”. والسبب في ذلك من وجهة نظره هو قرارات سعيّد وليس تراكم أخطاء النخبة السياسية التونسية، وفي مقدمتها حركة النهضة، على مدى عشر سنوات.
لم ينكر الخبراء الذين استمعت إليهم اللجنة أن قرارات سعيّد حظيت بمساندة شعبية، ولكنهم لم يروا في تلك المساندة عاملا محددا بل رأى فيها بعضهم “مسألة شائكة” تعقّد الحسابات.
عكست بعض الملاحظات سعيا من بعض النواب والخبراء لرسم صورة لسعيد في شكل “الرجل القوي” المعادي للولايات المتحدة وقيمها، تلك الصورة النمطية التي يمكن أن تكبّل أي زعيم عربي على الساحة الأميركية إن هي التصقت به طويلا. ولم يشفع لسعيّد حتى التأييد الشعبي الذي لاقاه في الداخل. إذ أشار إيدي إزيفيدو كبير مستشاري رئيس مؤسسة ويلسن للبحوث وكبير المساعدين السابق في لجنة الشؤون الخارجية، إلى أن “سعيّد حصل على تأييد واسع، لكننا نعرف من التاريخ وتجارب أخرى في العالم أن قرارته قد تكون تحظى بشعبية لدى الجماهير ولكن ذلك لا يعني أنها قانونية أو ديمقراطية”.
وأظهر النقاش أن عدة اعتبارات تفسر الاهتمام الأميركي بالتطورات في تونس، معظمها يتعلق بمصالح الولايات المتحدة الإقليمية أكثر من مصير التجربة الديمقراطية في تونس في حدّ ذاتها.
وقالت أليكسيس آرياف أخصائية الشأن الأفريقي في مصلحة البحوث في الكونغرس، إنه من الأهمية بمكان تسليط الضوء على الأحداث في تونس “باعتبار وقعها على تونس وكذلك أيضا نوعية الانطباعات التي قد تتركها في تونس وخارجها”.
كما أوضحت الخبيرة أن “الديمقراطية ليست هي الأولوية الوحيدة في تونس والمنطقة. ومن الأولويات الأخرى، التعاون على مقاومة الإرهاب والتصدي لتأثير القوى المنافسة في المنطقة”. وهنا أشارت الخبيرة ومعها عدد آخر من المتدخلين إلى التوجّس الأميركي من النفوذ المتنامي لروسيا والصين في تونس والمنطقة.
وأشارت إلى جملة من “التحديات المعقّدة” التي تواجه واشنطن نتيجة التوترات في ليبيا وبقية شمال أفريقيا، وهي توترات لا يمكن فصلها عن الوضع في تونس.