✍️ تحليل صحفي – قراءة في بيان سليم الرياحي الأخير
في لحظة فارقة من عمر النادي الإفريقي، اختار الرئيس الأسبق سليم الرياحي أن يُدلي بدلوه مجددًا، في بيان مُثير ومشحون بالاتهامات، لا يخلو من الأرقام والتوصيات والاقتراحات الجذرية، والأهم: تلميحات إلى ما اعتبره تواطؤًا ممنهجًا أدى إلى تدمير النادي من الداخل.
■ تشخيص الأزمة: من "الاحتكار" إلى "النهب الجماعي"
الرياحي لم يُجمّل الواقع ولم يُهادن: ما يحدث اليوم في النادي، حسب رأيه، ليس وليد اللحظة، بل نتيجة "مسار تدميري" بدأ منذ سنوات، تقوده فئة ضيقة العدد، واسعة النفوذ، وفقيرة أخلاقيًا وماليًا، جعلت من الإفريقي "مؤسسة مرتعًا للارتزاق والانتهازية".
يتّهم البيان هذه المجموعة باحتكار القرار وتوجيهه بما يخدم مصالحها الشخصية، ويذهب أبعد من ذلك حين يؤكد أن كل من تولى الرئاسة بعده لم يأتِ لإنقاذ النادي، بل لحماية المتورطين في الفساد، وتضليل الجماهير.
■ دعوة لتطهير شامل وفتح الملفات المؤجلة
من بين أبرز النقاط التي تضمنها البيان، دعوة واضحة لعقد جلستين مفصليتين:
- جلسة تقييم مالية وإدارية، توثّق بدقة ما جرى من سنة 2012 إلى اليوم، وتُزيل الغبار عن الملفات التي تم طمسها بعناية.
- جلسة تنقيح القانون الأساسي، بما يسمح بإزاحة الشروط المفصلة على مقاس مجموعة بعينها، وإتاحة المجال أمام كفاءات جديدة ونزيهة.
هذه النقطة تمثل، بحسب محللين، توجيهًا مباشرًا ضد مراكز النفوذ داخل النادي، والتي تسيطر على النصوص القانونية لضمان بقاء الوضع كما هو عليه.
■ حل خارج الصندوق: أجنبي رئيسًا للهيئة التسييرية
في خطوة غير مسبوقة، طالب الرياحي علنًا بتكليف المستثمر الأمريكي فيرغي تشامبرز على رأس الهيئة التسييرية، معتبرًا أن إشرافه على هذه المرحلة الحرجة لا يُهدّد هوية النادي، بل قد يكون الفرصة الأخيرة للإنقاذ.
مقترحه قائم على:
- الفصل القانوني بين عقد الاستشهار ورئاسة الهيئة،
- إشراف جماهيري ورقابي شفاف،
- انطلاقة فورية في تسوية الديون وهيكلة الإطار الفني والإداري،
- رصد ميزانية تُعيد للفريق مكانته التنافسية محليًا وقاريًا.
■ عن أي فرصة ضائعة يتحدث؟
عاد الرياحي إلى سنة 2012، حينما قدم تصورًا استثماريًا للنادي، ويؤكد أنه تم إجهاض مشروعه سنة 2017، نتيجة تحالف بين نفس المجموعة المتحكمة اليوم، وبعض دوائر السلطة آنذاك. ومن هنا، يُقدّم إعادة التجربة بشروط جديدة، وبأدوات خارجية، كمنفذ وحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
■ السياق السياسي الخفي
رغم أن البيان يتحدث بلغة رياضية، إلا أنه لا يخلو من إيحاءات سياسية:
- تحميل السلطة السابقة جزءًا من المسؤولية،
- اتهامات بالتواطؤ والتغطية على الفساد،
- حديث عن "الهوية" بمعناها الوطني، مقابل استجلاب كفاءات أجنبية إذا اقتضى الأمر.
هذه الإشارات تؤكد أن بيان الرياحي أبعد ما يكون عن كرة القدم فقط، بل هو موقف سياسي وشخصي من واقع منظومة متكاملة، عجزت عن إصلاح نفسها وتصرّ على احتكار القرار.
■ ماذا بعد البيان؟
الكرة الآن في ملعب:
- لجنة الحكماء، التي دُعيت للاجتماع الفوري،
- الجماهير، التي انتظرها الرياحي كصمام أمان وضمانة رقابية،
- والسلطة الرياضية والإدارية، التي عليها أن توفّر المناخ القانوني لانطلاق مرحلة جديدة، إن صفت النوايا.
■ خلاصة
بيان سليم الرياحي ليس مجرد "حركة انتخابية مؤجلة" أو تصريح انفعالي، بل وثيقة اتهام سياسية ورياضية موجهة ضد منظومة كاملة، ترسّخت منذ سنوات. وهي أيضًا محاولة واضحة لوضع نفسه من جديد في قلب المشروع الإصلاحي للنادي الإفريقي، أو على الأقل إعادة طرح رؤيته كشخص حاول وفشل بسبب "العصابة".
وإذا لم تتحرك الجهات المعنية فورًا، فإن الإفريقي قد يدخل موسمًا جديدًا مثقلًا بصراعات قديمة، وبدون بوصلة واضحة.