خبراء يؤكدون أنه كلما ازداد التفاهم والتعاون بين الزوجين ماديا، ازدادت علاقتهما متانة.
تتدخل الكثير من العوامل في تدهور العلاقة بين الزوجين ويعتبر فن التعامل أو تحديد واجبات كل طرف وحقوقه من الوسائل التي تسمح لهما بالحفاظ على استقرار علاقتهما وتحصينها من الانهيار.
لندن – يعتبر فن التعامل بين الأزواج انعكاسا لعادات وتقاليد كل مجتمع، فما يعتبر في مجتمع ما عملا فائق الاحترام قد يأخذ منحى ثان في مجتمع آخر، وما يعتبر من المسلّمات في العلاقة بين الزوجين قد يعتبر تماديا عند البعض، وهذا يعود إلى اختلاف طرق التفكير بين البشر وعادات وتقاليد كل مجتمع، وفق خبير التنمية البشرية السوري سمير مطر.
وأضاف أنه “عند ذكر كلمة فن التعامل أو الحدود في العلاقة الزوجية سيراود أذهاننا غالبا أنها تعبر عن التعامل الرسمي والمدروس بين الأشخاص والمحصور بين أعمدة وهامات من قواعد الاحترام الزائد وعدم تجاوز خطوط حمراء كثيرة نرسمها في مخيلتنا”.
وتابع مطر “لذلك عندما نتحدث عن العلاقة بين الزوجين يرفض معظمنا مناقشة الفكرة أو التفكير في فن التعامل، وقد يذهب البعض لرفض وجود مثل هذه الضوابط في العلاقة الزوجية، للاعتقاد الخاطئ بأن العلاقة التي تقوم بين الزوجين تبنى على كسر كل الحواجز بينهما بالمطلق وعدم التقيد بحدود”.
الطريق للوصول إلى زواج سعيد
أشار خبراء العلاقات الزوجية إلى أن ذلك ﻻ يعني أن ينحدر مستوى الاحترام بين الزوج والزوجة، وكشف جميع سلبيات كل منهما أمام الآخر، وأيضَا لا يعني أﻻ نلتفت لتصرفاتنا وكلماتنا مع أزواجنا، وﻻ يمنع من وجود حدود واضحة ومتفق عليها لضبط العلاقة الزوجية لأنه هو الطريق الوحيد للوصول إلى زواج سعيد.
وكشف الخبراء أن غالبية العلاقات الزوجية المستقرة تبنى على حدود مالية واضحة، مما يساهم في تقليص المشاكل وسوء الفهم الذي قد ينشأ بين الزوجين، ولفتوا إلى أنه إذا قام الزوج بوضع ميزانية خاصة لنفقات المنزل بالاتفاق مع شريكة حياته مثلا، فإن هذا الإجراء سيحول دون نشوء أي مشاكل ناجمة عن سوء الإنفاق أو الإسراف.
كما نبهوا إلى أن خلافات الأزواج المتعلقة بالجوانب المادية تؤثر سلبا على استقرار حياتهم الأسرية، واستمرارها مع الوقت، حيث تعتبر العلاقة المادية المتوازنة بين الزوجين ركيزة مهمة من الركائز التي تبنى عليها مؤسسة زواج ناجحة وجدّية.
وأثبتت التجارب أنه كلما ازداد التفاهم والتعاون بين الزوجين ماديا، ازدادت علاقتهما متانة. وأوضح الخبراء أن العلاقة المالية بين الزوجين تنقسم إلى علاقة مستقرة وأخرى غير مستقرة، ويعي الزوجان في العلاقة المالية المستقرة أهمية التعاون في ما يتعلق بالأمور المالية، وتأثيراته الإيجابية على حياتهم، ويقسّم الإنفاق حسب قدرة كل فرد في هذه العلاقة، مما يؤدي إلى سيطرة التفاهم والاستقرار على حياتهما.
أما في ما يتعلق بالعلاقة المالية غير المستقرة والتي تؤدي إلى تفشي الخلافات المالية، مثلما ينتشر في الكثير من الأسر حيث يسعى الزوج إلى التحكم في راتب الزوجة وتوجيهه وفق أهوائه، أو عدم رغبة الزوجة العاملة في المساهمة في الإنفاق على متطلبات المنزل، حيث تفقد هذه التصرفات الزوجين التوافق على إدارة شؤون الأسرة من الناحية المادية مما يتسبب في توتر العلاقة بينهما.
وأكد المختصون أن التعاون المادي هو القاعدة الأساس لإرساء علاقة مالية متوازنة تؤمن نجاح الزواج، وعندما يعي الأزواج حقوقهم وواجباتهم تجاه الحياة الزوجية ومتطلباتها، يصبح تطبيق مبدأ التعاون المالي في ما بينهم أكثر سهولة.
رفض الضوابط في العلاقة الزوجية سببه الاعتقاد الخاطئ بأنها تبنى على كسر كل الحواجز
ومن جهة أخرى قال الخبراء إن التوتر والقلق في العلاقة بين الزوجين مرده محاولة تحكم كل منهما في ما هو خارج عن إرادته، فمثلا محاولة التحكم في الشريك تجعل الإنسان يشعر بالتوتر والقلق إضافة إلى نفور شريكه منه. ونبه المختصون إلى أن الزواج من دون حدود يؤدي إلى عدم السيطرة على السلوكيات مما يتسبب بالتوتر والقلق لطرفي العلاقة الزوجية.
وأشاروا إلى أن كل طرف في العلاقة عليه فهم ما هو تحت سيطرته وما هو خارج عن إرادته.
وأفادوا أن الاتصال العاطفي هو الركن الأكثر أهمية في الزواج، ويشير الارتباط العاطفي إلى الحب والتقدير المتبادل والتجارب المشتركة بين الزوجين. وعلى الرغم من أن العلاقة الزوجية هي علاقة تشاركية، إلا أن وضع حدود عاطفية أمر في غاية الأهمية للزوجين، إذ يعد الإفراط في المشاعر العاطفية من قبل أحد الطرفين أو كليهما عاملا سلبيا يمكن أن يضر بالحياة الزوجية.
كما قال المختصون إن الاحترام المتبادل يضفي جوا من الاستقرار على العلاقة الزوجية، حيث يساهم الاحترام المتبادل بين الزوجين في درء خطر نشوء خلافات قد تنجم عن إساءة تصرف أحد الزوجين أو توجيه الإهانات للطرف الآخر، ومن الضروري أن تسود مشاعر الاحترام المتبادل لإنشاء رابط متين بين الزوجين.
الاحترام قبل الحب
كشفت دراسة برازيلية أن وجود الاحترام بين شخصين لا يعني بالضرورة وجود حب في ما يتعلق بالعلاقات العادية بين الناس. ويمكن أن يوجد الحب دون وجود الاحترام، ولكن هذا مقتصر فقط على العلاقة بين الرجل والمرأة.
واستندت الدراسة إلى نتائج تحريات أجرتها في خمس قارات من خلال اتصالات مع عدد كبير من النساء في جميع بقاع العالم، فتبين أن نسبة 70 في المئة من نساء العالم يعتبرن الاحترام أهم من الحب في العلاقة الزوجية أو العاطفية بشكل عام.
وأكدت أن النساء اللواتي أُخذت آراؤهن، على أن المنطق الوحيد الذي تعرفه المرأة أكثر من أي منطق آخر هو الاحترام الذي يبعدها قليلا عن عاطفة الحب القوية ويساعدها على التفكير بشكل أفضل من زاوية المنطق الذي لا تستخدمه إلا قليلا في العلاقات العاطفية.
كما أشارت الدراسة إلى أن الاحترام يعلم المرأة تقبل أشياء سيئة من الطرف الآخر من قبيل الاحترام، لكي تحافظ على الود وعدم تحطيم علاقتها الزوجية وتضييع مستقبل الأسرة.ويوسع الاحترام هامش التسامح بين الرجل والمرأة المرتبطين بعلاقة عاطفية قوية بشكل خاص، وهذا يساعد على حل العديد من المشاكل الزوجية، كما أنه يحمي العلاقات الزوجية، نظرا إلى أنه يعد أقوى من الحب الذي ينتهي قبل الاحترام، ولذلك فإن طول أمد الاحترام يمكن أن يمنع تدمير الكثير من العلاقات وعودة البعض إلى بعضهم من جديد بسبب وجود الاحترام. كما أنه يحمي المرأة من الإغراءات التي يمكن أن تتسبب في الطلاق ومن ارتكاب أخطاء قد تؤدي إلى فشل زواجها.
وأكدت الدراسة أن النساء حول العالم يعتبرن أن الاحترام هو الذي يقوي الحب وليس العكس، مستندة في ذلك إلى أن المرأة تعشق أكثر الرجل الذي يحترمها.
وشددت الأخصائية الاجتماعية البرازيلية آلين كامارغو على ضرورة ألا تكون هناك أسرار بين الزوجين، مشيرة إلى أن الأسرار تختلف عن الخصوصيات من حيث التأثير على العلاقة الزوجية.
وأضافت كامارغو “إن وجود هذه الأسرار وإخفاءها ربما يكونان مدمران للعلاقة الزوجية. وعدم إخفائها ينطبق على الزوج والزوجة على حد سواء، رغم أن بعض المجتمعات تدافع عن حق الرجل في القيام بتصرفات دون إعلام الزوجة، فإن هذا خاطئ من الناحية المنطقية؛ لأنه إذا كان الأمر كذلك فإن للمرأة أيضا الحق في الاحتفاظ بأسرارها”.