الصفحة 2 من 5
القصة من أوّلها
ينتمي محمود بيرم إلى عائلة تونسية عريقة، تمتعت، كما يقال، بنفوذ إداري وصيت علمي في فترة حكم البايات لتونس، وحسب الروايات فإن جده، مصطفى بيرم، رحل إلى الحجاز في منتصف القرن التاسع عشر لأداء فريضة الحج، وأثناء عودته أغرته مدينة الإسكندرية بالإقامة فيها، فوضع رحاله هناك، واشتغل بمهنة التجارة، وأنجب أبناء توارثوا عنه تجارة النسيج.
توفي والده وهو في سن الثانية عشرة، وبعد خمس سنوات توفيت والدته، وتركته غلاما وحيدا في الحياة؛ عمل في شتى المهن، في النجارة، وفي النسيج، ثم صيادا، فبقالا، غير أنه فشل في جميع تلك المهن، وبدّد ما كان بين يديه من ثروة قليلة ورثها عن والده.
ولكن، ما حكاية بيرم مع الشعر؟
كيف لطفل لم ينج يوما من فلقة الشيخ جاد الله، بكُتاب الحي، أن يحقق ما حققه بيرم من النجاح في عالم الصحافة والشعر؟
كان بيرم بليدا في الحساب، لا يفرق السبعة عن الثمانية، لذا لم ينج يوما من العقاب. ذهب إلى أبيه يرجوه أن ينقذه من قسوة الشيخ، ولكن الأب لم يأبه، وأجبره على الذهاب إلى الكُتاب، وكانت النتيجة عدم استيعاب الطفل لأي معلومات، وبالتالي تلقي المزيد من العقاب.
ويقول بيرم إنه لم يستفد من الكتُاب إلا بتعلم مبادئ القراءة والكتابة فقط. لم ييأس الوالد، فأرسله ليتابع الدراسة في المعهد الديني التابع لمسجد المرسي أبوالعباس؛ أقبل بيرم على الدروس بشغف، ولكنه لم يكمل مشواره الدراسي هناك؛ كان موت أبيه سببا للانقطاع عن الدراسة.