وسط التحديات المتنامية التي تواجه القطاع الفلاحي، نظمت خلية الإرشاد الفلاحي بوادي مليز يوما إعلاميا تحسيسيا حول الأمراض المنقولة عبر الحشرات، مسلطة الضوء على مرض الجلد العقدي للأبقار، أحد الأوبئة المستجدة التي تهدد الثروة الحيوانية؛ هذا اللقاء الذي شهد حضور 170 مشاركا من بينهم 164 مربيا، جاء كمحطة محورية لتعزيز الوعي واستباق المخاطر التي قد تطال الاقتصاد الفلاحي المحلي، تحت اشراف معتمد وادي مليز السيد رامي البجاوي والمكلف بتسيير المندوبية الجهوية السيد سمير الحيوني و كاتب عام بلدية وادي مليز عبد اللطيف الدريسي ورئيسة خلية الارشاد الفلاحي نجاح الدشراوي.
مقالات ذات صلة:
الشرق السوري يغلي: السيطرة على حلب وتل رفعت تكشف عن معركة شرسة بين الأتراك والأكراد
حين تصبح الكرامة معركة مجتمعية لمحاربة التحرش ضد المرأة
الفيلم الحدث "Gladiator 2" في قاعات السينما التونسية: العودة إلى ساحة المعركة
مرض الجلد العقدي ليس مجرد عدوى حيوانية عابرة، بل هو ناقوس خطر يسلط الضوء على هشاشة منظومة الوقاية الصحية في القطاع الفلاحي، ينتقل المرض عبر الحشرات مثل الذباب والقراد والناموس، وتتجلى أعراضه في ارتفاع الحرارة وظهور عقد جلدية متفاوتة الحجم على الأبقار، مما يجعله تهديدا مزدوجا صحيا واقتصاديا.
إزاء ذلك، أكدت دائرة الإنتاج الحيواني خلال مداخلتها، بقيادة الدكتورة وئام مولهي، على أهمية الإبلاغ الفوري عن الحالات المشتبه بها، وضرورة الالتزام بتوصيات الأطباء البيطريين لتجنب الممارسات العشوائية التي قد تزيد الامر تعقيدا، كما شددت على تطبيق قواعد الأمن الحيوي، من تنظيف محيط منشآت التربية إلى مكافحة الحشرات الناقلة بطرق فعالة وآمنة.
اما شعار "الوقاية خير من العلاج" لم يكن مجرد عنوان ليوم إعلامي، بل هو موقف يجبر الجميع على التفكير في قيمة الاستباق كخيار استراتيجي، فالوقاية ليست حلا تقنيا بسيطا؛ إنها ثقافة تعيد صياغة علاقة المربين ببيئتهم، وترسخ وعيا جديدا بأهمية الحفاظ على صحة الحيوان كجزء لا يتجزأ من الأمن الغذائي.
لكن، في ظل غياب سياسات وطنية أكثر صرامة وشمولية، هل يمكن أن تصمد هذه الجهود المحلية؟ وهل يكفي وعي المربين وحده إذا لم تدعم البنية التحتية البيطرية بالموارد اللازمة، من أدوية إلى كوادر مختصة؟
ومن بين الأرقام والنتائج، يكمن الأثر الحقيقي لهذا الحدث في خلق وعي جماعي يتجاوز حدود وادي مليز، فالتفاعل الحي، والإجابات الشافية على استفسارات المربين، والالتزام بحملة التلقيح التي انطلقت في المعتمدية، كلها مؤشرات على تحول نوعي في طريقة إدارة الأزمات الصحية في القطاع الفلاحي.
ختاما، يعد مرض الجلد العقدي ليس مجرد تحد صحي، بل هو اختبار لمدى قدرة الفاعلين المحليين والوطنيين على تحويل المخاطر إلى فرص لتطوير القطاع الفلاحي، فنجاح هذا اليوم الإعلامي يجب أن يكون انطلاقة لمبادرات أكبر تدمج فيها الوقاية كركيزة أساسية في السياسات الزراعية، مع استثمار أكبر في البحث العلمي والتدريب الميداني، وتبقى المعركة ضد الأوبئة الصامتة معركة وعي وتخطيط، تتطلب قيادة مستنيرة ودعما مستداما، لأن صحة الحيوان ليست رفاهية، بل أساس أمننا الغذائي والاقتصادي.