تقاسم الكعكة
الضربات الثلاثية التي نفذت أيضاً حصرت الأهداف ضد نظام الأسد بدقة، حتى لا تشمل مناطق وجود القوات الروسية؛ خشية أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين واشنطن وموسكو.
ويشير مراقبون إلى أن واشنطن لا ترغب في حمل ثقل الحرب السورية بل تكتفي بالسيطرة على المواقع التي تهمها في سوريا، وهو استمرار لسياسة الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي حمّله السفير الأمريكي السابق روبرت فورد مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا، في حين وقف حلفاء الأسد خلفه بمنتهى القوة.
فورد، الذي كان آخر سفير للولايات المتحدة في دمشق، قال في يونيو 2017، إن الإدارة الأمريكية خدعت السوريين عندما جعلتهم يعتقدون أنها ستدعمهم، ثم ما لبثت أن تراجعت عن تقديم هذا الدعم وتركتهم في مواجهة البراميل المتفجرة.
ولاحقاً قال فورد لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إن الرئيس دونالد ترامب "يريد تقليص النفوذ الإيراني في سوريا"، مضيفاً: "الرئيس لا يعرف أن اللعبة انتهت، تأخروا كثيراً، أوباما لم يترك لإدارة خلفه الكثير من الخيارات لتحقيق هدفه".
اللعبة انتهت كما يقول فورد، لكن المحلل السياسي بسام الأحمد يختلف مع هذه الرؤية؛ إذ يرى أن واشنطن قادرة على قلب الطاولة لكن لا توجد لديها الإرادة وقد اكتفت بالجزء الذي يهمها.
وتابع الأحمد في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن ترامب "لا يرى جدوى لانخراط بلاده في صراع على غرار حرب العراق، لتغيير نظام بالكامل؛ وذلك بسبب ارتفاع التكلفة المادية بالدرجة الأولى، وخشية عدم وجود بديل قوي قادر على ضبط الحدود لا سيما مع إسرائيل".
وأيضاً هناك مخاوف من عودة داعش، كما يقول الأحمد، مضيفاً: "من هنا نرى أن الوضع سيبقى على حاله ضمن مناطق تثبيت نقاط نفوذ حتى تنشيط مفاوضات جنيف من جديد، لكونه المسار الوحيد الذي يتفق عليه المجتمع الدولي".
واستبعد الأحمد أن تؤدي هذه الضربات إلى تقارب في وجهات النظر بين روسيا وأمريكا حول الحل في سوريا.
وقال: "ما جرى يؤكد أن لا صحة لأي حديث سبق عن تفاهم روسي أمريكي في سوريا، وأن ما بينهما فقط هو عدم تصادم داخل سوريا لكنه ذاهب إلى مزيد من التنافر بينهما، ريثما يرسم واقع جديد يفرض نفسه على الجميع".