الصفحة 2 من 3
تفاوت عربي
ويرى أنه بالنسبة إلى التعليم ما قبل الجامعي هناك تفاوت فيما يقدم على مستوى الدول العربية، قائلا “لا يمكن أن نجمعها في عبارة واحدة تحكي واقع هذا النظام التعليمي في كافة الدول العربية”، فما يقدم مثلا من خدمات تعليمية في السعودية وفي الإمارات وفي دول الخليج عامة يختلف تماما عما يقدم في باقي الدول العربية.
وتوجد في البعض من الدول العربية محاولات حثيثة لتقديم خدمات تعليمية متميزة، أما أغلب دول المنطقة فتعاني من صراعات داخلية تجعل مستوى التعليم بها ضعيفا مقارنة بالبعض من الدول العربية دون مقارنتها بالبلدان المتقدمة.
ويأسف الأتربي أن في البعض من الدول العربية أصبح التعليم بمثابة حقل تجارب دون وجود سياسة واضحة.
وإجمالا، يعتبر الأتربي أن ما يقدم من تعليم على مستوى الدول العربية هو محاولات للتشبه بالكثير من الدول الغربية دون مراعاة للشخصية العربية وطبيعتها.
أما التعليم الجامعي فحدّث ولا حرج، فقد أصبح الدخول إلى تصنيف إحدى المؤسسات العالمية هو الهدف، وليس جودة التعليم نفسه في غياب خطط واضحة للتعليم الجامعي مرتبطة ارتباطا وثيقا باحتياجات السوق، بخلاف البعض من الاستثناءات.
كما أصبح التحاق الطالب بالجامعة مرتبطا بالمجموع وليس بالكفاءة، وهو ما يفسر زيادة عدد العاطلين عن العمل سنويا بسبب سوء التخطيط.
وأشار الأتربي إلى أنه رغم تعدد البرامج التي تقدمها الجامعات واستحداث الكثير من البرامج الجديدة إلا أن مفهوم التعليم الجامعي لازال مرتبطا بأذهان الطلاب وأولياء أمورهم بما يطلقون عليه تسمية “كليات القمة”. ويقول “للأسف أغلب خريجيها (كليات القمة) عاطلون عن العمل، ولعل ذلك يرجع في المقام الأول إلى غياب البرامج التوعوية ونشر ثقافة التوجهات التعليمية في المجتمع من خلال وسائل التواصل المتعددة”.
ويضيف “أعتقد أننا بهذه الأنظمة التعليمية المتأخرة لن نستطيع استيعاب التطورات التكنولوجية ووسائل الاتصال وما قدمته من ثورة معلوماتية، ولن يتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح”.
وأكد أن هناك فجوة كبيرة بين ما يحصل عليه الأطفال والشباب عبر أجهزة الهواتف المحمولة وما تحمله من تقنيات وبرامج وتكنولوجيا وبين ما يقدم لهم داخل الفصول، ولم يتم استثمار هذه المهارات وتوجيهها بشكل صحيح لخدمة العملية التربوية ورفع قدراتهم التعليمية بما يتناسب مع ما يتمتعون به من فرص تقنية لم تكن متوفرة في الماضي.
ويمثل المدرس جزءا رئيسيا من العملية التعليمية، وهو معطى يفرض تعزيز جهود تأهيله ليواكب التطورات. وقال الأتربي “حين تتحول العملية التعليمية وبناء الأجيال إلى مجرد وظيفة توفر راتبا شهريا، لن تحصل على أي مردود صحي ولا نتائج متوقعة”.
وينتقد الأتربي فقدان التعليم لرمزيته باعتباره رسالة نبيلة، ويعتبر أن ذلك هو نتاج أسلوب تعليم يعطي أهمية للحصول على مؤهل عال على حساب الجودة والكفاءة، ما جعل المدرسين يبحثون عن أكبر منفعة مادية يجنونها من وظيفتهم، فيما أصبح ينظر إلى البرامج والدورات التأهيلية، إن وجدت، كفرصة للتغيب عن العمل، وغالبا ما تخضع هذه البرامج لمعايير تقييم تركز على الكم وليس الجودة ما يفرز نتائج سلبية.
تحتاج عملية تطوير التعليم في العالم العربي والارتقاء بها إلى خطط مستقبلية مشتركة ومحددة، وهو ما دفع الأتربي إلى التنبيه إلى وجوب الاعتراف بغياب التنسيق العربي في مجال التعليم. ويقول “حتى الجامعة العربية، بيت العرب كما يطلق عليها والمجالس المشتركة بين أكثر من دولة والمؤتمرات التي يتم رعايتها والمبادرات التي يتم إطلاقها، ليست سوى فقاعات هوائية تنتهي مع نهاية المؤتمر أو المبادرة”.
ويعتبر أنه بالتمعن في تاريخ هذه المؤتمرات والمبادرات والتوصيات يُتبين أن مخرجاتها لم تبارح أدراجها منذ صيغت. وأكد “كنا نطمح إلى وضع خطط لتطوير التعليم والارتقاء به”.
وشدد على ضرورة تشخيص واقع التعليم في المنطقة العربية وتحدياته، ليتم في مرحلة لاحقة وضع خطط قصيرة المدى للنهوض به وتطويره، إلى جانب خطط بعيدة المدى تعتمد على أهداف مستقبلية تُبنى على الاحتياجات “وليس على الأمنيات”، معتبرا ذلك أولى خطوات الارتقاء بالتعليم في العالم العربي، ومؤكدا ضرورة التنسيق الجاد بين كل بلدان المنطقة.
يشمل الإنفاق على التعليم، وفق تعريف البنك الدولي، الإنفاق الحكومي والذي يكون بتخصيص نسبة من إجمالي الناتج المحلي.
كما يوجه الإنفاق العام على التعليم نحو المؤسسات التربوية التابعة للقطاع العام والبعض من مؤسسات القطاع الخاص، بالإضافة إلى إدارة التعليم والمنح والمساعدات المالية المقدمة للطلاب والأسر والمنظمات.
وفيما تنفق دولة مثل إسرائيل على التعليم حوالي 10 بالمئة من ناتجها المحلي، نجد هذه النسبة في الدول العربية لازالت تتراوح حسب مؤشرات عام 2014 حول متوسط 5 و6 بالمئة.