مع حلول 25 ديسمبر، يدخل التقويم الفلاحي التونسي مرحلة مميزة تعرف بـ"الليالي البيض"، وهي فترة تمتد حتى 13 جانفي وتتميز بطقسها الخاص الذي يجمع بين البرودة القارسة ليلاً والدّفء النسبي نهارًا.
مقالات ذات صلة:
"احتفالية الكتاب" تضيء مدينة ياسمين الحمامات خلال عطلة الشتاء
من أجل مجتمع متماسك: وزارة الأسرة تطلق برنامجًا وطنيًا لإسعاد الأطفال خلال عطلة الشتاء
البيئة السليمة حقّ الأجيال القادمة: سليانة تحتضن مهرجانًا وطنيًا للأطفال بعطلة الشتاء
لماذا سميت بالليالي البيض؟
الاسم مستوحى من سماء هذه الفترة التي تغلب عليها قلة السحب والغيوم، مما يجعل الليل هادئًا وساكنًا تحت أضواء النجوم. أما النهار، فيُضفي دفئًا مؤقتًا، لكن لا يُخطئك البرودة التي تسود فور غياب الشمس.
الخصائص المناخية للليالي البيض
- برودة شديدة ليلاً: تتساقط خلالها "الصقيع" أو كما يسميه الفلاحون "الندوة"، ليترك طبقة بيضاء على المزروعات والأسطح، مذكّرًا بهدوء الطبيعة في قلب الشتاء.
- دفء نسبي نهارًا: رغم البرودة العامة لفصل الشتاء، تعكس الشمس أشعتها على الأرض، لتمنح أجواءً معتدلة تقابلها البرودة فور حلول الليل.
- قلة الغيوم: السماء تبدو صافية معظم الوقت، وكأن الطبيعة تأخذ هدنة مؤقتة من أمطار الشتاء.
أهمية الليالي البيض للفلاحين
تمثل هذه الفترة جزءًا من التقويم الفلاحي التونسي الذي يضبط حياة الفلاحين ويحدد أعمالهم الزراعية. يُعد الصقيع في الليالي البيض مؤشرًا لخصوبة الأرض، لكنّه في الوقت ذاته يتطلب الحذر الشديد لحماية المزروعات من البرودة المفرطة.
بين التراث والمناخ
الليالي البيض ليست فقط ظاهرة مناخية، بل هي جزء من التراث الشعبي التونسي. توارثتها الأجيال كفترة هادئة يملؤها التأمل واليقظة تجاه الطبيعة، حيث يجد الناس في لياليها الباردة فرصة للاجتماع حول المواقد وشرب المشروبات الساخنة.
فترة هادئة لكنها حذرة
رغم سكون الطقس، إلا أن الليالي البيض تتطلب انتباهًا خاصًا من الفلاحين وسكان المناطق الريفية، الذين يحرصون على حماية مزروعاتهم من الصقيع الذي قد يكون قاسيًا على النباتات.
تظل "الليالي البيض" شاهدة على التوازن الفريد للطبيعة، حيث تتأرجح بين دفء الشمس نهارًا وبرودة الليل القارسة، لتمنحنا لمحة عن جمال الشتاء في ثوبه الأكثر هدوءًا وأناقة.