محلل سياسي، يقول إن السبسي الفاقد للصلاحيات بموجب النظام البرلماني المعدل يريد استعادة مجد الحكم الرئاسي بالتذاكي وتحقيق أطماعه بتعيين رئيس جديد للحكومة حتى يتمكن من تطويعه وإدارة الحكم من خلاله".
اعتبر الناشط الحقوقي والمحلل السياسي التونسي زهير مخلوف، لجوء الرئيس الباجي قائد السبسي إلى اقتراح حكومة وحدة وطنية في تونس، دون مشاورات سابقة مع رئيس الحكومة والائتلاف الحاكم، ولّد أزمة حكوميّة داخليّة وتنافسًا وتسابقًا بين الأحزاب لنيل مكانة أفضل وتموقع أحسن في الحكومة الجديدة، وهو ما نسميه الطمع السياسي، والتكالب حول التموقع وهو ما تشهده الساحة اليوم”.
وقال مخلوف، في مقابلة مع موقع إرم نيوز، إن “السبسي الفاقد للصلاحيات بموجب النظام البرلماني المعدل، يريد استعادة مجد الحكم الرئاسي بالتذاكي وتحقيق أطماعه بتعيين رئيس جديد للحكومة، لا يتمتع بخبرة أو كفاءة أو كريزماتيّة أو دراية سابقة، حتى يتمكن من تطويعه وإدارة الحكم من خلاله”.
وتوقع، أن الأمر سيؤول إلى نتيجة واحدة وذلك تحت إكراه التوافق أو النفاق السياسي إلى تركيز حكومة شابة، تضع على سلم أولوياتها تسريع خطوات التنمية ومقاومة الارهاب والفساد والحفاظ على البيئة.
وشدد زهير مخلوف، على أن الأحزاب الكبرى سوف تدعم حكومة يوسف الشاهد، وستتحمّل ضريبة دعمها المزيد من الانشقاقات الداخلية والصراعات البينيّة وستتحفظ المنظمات المهنية والأعراف أو رجال الأعمال عليها، إلاّ أنه وبسبب استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فإن قدرة الحكومة الجديدة على تجاوز معضلات تونس تكاد تكون شبه مستحيلة”.
وتابع، “تحتاج الحكومة المنتظرة، إلى إعادة تحرير العمود الفقري للاقتصاد التونسي، وهي دورة استخراج الفسفاط المعطلة بفعل التحركات والاحتجاجات الاجتماعية، وهو ما يستدعي قبضة حديدية غير مأمونة العواقب” .
أسباب فشل حكومة الصيد
وردًا على سؤال حول أسباب فشل حكومة الصيد وعدم توافق أعضائها، قال مخلوف، “إن المحاصصة الحزبية أثرت سلبًا على أداء الحكومة، فضلاً عن تدخل لوبي مالي فاسد وضمور صدور القوانين الجديدة من مجلس نواب الشعب، كما أن التعيينات التي ساهمت في تكوين حكومة الحبيب الصيد سابقًا، صدرتْ من أشخاص نافذين بقصر قرطاج تمت إزاحتهم، لذلك وجب تغيير هؤلاء الوزراء خوفًا من الولاءات الجانبيّة لمن سبق وأن كان لهم النفوذ المباشر عليهم”.
تحديات قائمة
ويرى المحلل السياسي، “أن إنقاذ تونس من المستقبل المجهول رهين بتحرير الصناعات الاستخراجية (الفسفاط والبترول) من ضغط التجاذبات الاجتماعية والمهنية، وتَخلّص الفعاليات السياسية من عقدة الأيديولوجيا المعطلة للاقتصاد والقاتلة للتطلعات والماحقة للثقة بالدولة .
وتابع، “رفع اليد الخارجيّة عن التحكم بالسياسات الداخلية والعبث بالسيادة الوطنية واستقرار دول الجوار، ويحتاج كل ذلك تضامن الجميع وتكاتفهم وصبرهم وتضحيتهم في السنتين المقبلتين، وذلك من أجل تكريس وضعٍ أفضل للتونسيين جميعًا”.
وضع اقتصادي قاتم
وأكد زهير مخلوف، أن الوضع الاقتصادي التونسي تدهور بشكل لافت بعد انتخابات 2014، وأن ما شهدته تونس أواسط 2015 من عجز خطير في الميزان التجاري، تراوح بين 8.8 مليار دولار و9.6 مليار دولار، قد يُفْضي الى تفاقم المشاكل الاقتصادية والمالية مع قدوم حكومة الوحدة الوطنية، على اعتبار أن الواردات تتم بالعملة الأجنبية الأمر الذي يحدث تضخمًا ماليًا.
وأضاف زهير مخلوف، في حواره مع إرم نيوز، “هذا سيخلق عدم توازن في المالية العمومية، التي تعاني أساسًا من أزمات متعددة، منها تراجع حجم العملة الصعبة وتعاظم المديونيّة 53% من نسبة الناتج المحلي الخام وانخفاض سعر الصرف 2.470 دينار مقابل اليورو، وانزلاق نسبة قيمة الدينار سنويا إلى مستوى 14% منذ سنة 2011”.
وأكد الناشط الحقوقي والمحلل السياسي، أن “نسبة التضخم التي فاقت في بعض الأحيان 7% جعلت الدولة التونسية عاجزة حاليا عن تمويل نفقاتها، سيما النفقات الأساسية بمواردها الداخلية، خاصة بعد تراجع الاستثمار والمداخيل السياحية في البلاد، والتي تُعْتبر العمود الفقري للتنمية والاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي”.
وبين مخلوف، أن “الدولة لجأت إلى الاستعانة من أجل تمويل نفقاتها بالتداين الخارجي، وهو ما أفقدها ثقة المقرضين وخفّض من نسبة الأرقام الائتمانية، لأن توظيف القروض لا يصب في مشاريع التنمية بل في تغطية نفقات الدولة ومصاريفها العامة”.
وعن الوضع الاجتماعي، الذي تميز بغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة بشكل لم يسبق له مثيل مع تدهور القدرة الشرائية أوضح زهير مخلوف، “أن هذا الوضع تسبب في تكاثر التحركات الاجتماعية والاعتصامات والمشادات بين الحكومة والنقابات، وتعطيل انتاج الفسفاط، الذي يمثل حجر الزاوية في تطور الحركية الاقتصادية والتنمويّة وتعبئة الخزينة العامة بالعملة الصعبة”.