بقلم:منصف كريمي/كاهية مدير المؤسسات بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة
لأن المؤسسة الثقافية العمومية هي محمل رئيس للفعل الثقافي والإبداعي لمختلف الفئات الاجتماعية والشرائح الاجتماعية وهي همزة الوصل المحلية بين الفاعل الثقافي ومنتجه ومتقبّله فان دورها أساسي ومهم في العملية التثقيفية والتأطيرية ومن هنا من الضروري التفكير في مشروع مؤسسة ثقافية بديلة تكون رائدة وتتوفّر على الظروف الضرورية والمريحة للعملية الإبداعية انطلاقا من بنيتها التحتية وتجهيزاتها وخصوصيات الفاعل الثقافي المشرف على إدارتها وتنشيطها.
مقالات ذات صلة:
احتفاءً بالطفولة: أنشطة ترفيهية وثقافية متنوعة تُنير عطلة الشتاء
وادي مليز: عودة الروح لدار الثقافة واستعادة أمجادها الثقافية
الأيام الثقافية التونسية في سلطنة عمان: تثمين التراث بتقنيات حديثة وتجارب رقمية مبتكرة
المؤسسة الثقافية العمومية اليوم في حاجة إلى مزيد العناية بها بنية وتأطيرا وتجهيزا وموارد بشرية عبر صيانتها بمتابعة برامج تهيئة الفضاءات وتجهيزها وإضفاء المعمار التقليدي الخصوصي عليها و العناية بجماليتها وفق الخصوصيات المعمارية المحلية المميّزة والعمل على تسوية الوضعيات العقارية للمؤسسات الثقافية والأثرية المعطّلة وذلك بالتنسيق مع المصالح المعنية المركزية والجهوية(تشعب ملكية دار الثقافة بني مطير،فضاء "الكازينو"لاستغلاله كمقر لمركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة،الحصن الجنوي بطبرقة المستغلّ من طرف وزارة الدفاع الوطني ودون استغلاله والتصرف فيه من قبل مصالح التراث بولاية جندوبة)ومتابعة الإسراع بانجاز مشاريع البنية التحتية الثقافية المعطّلة بتذليل الصعوبات حسب الإمكانيات المتاحة مع ضرورة مراجعة إعادة تصنيف دور الثقافة باعتماد معايير وظيفية مع مراجعة إشكاليات تعطّل انجاز بعض المشاريع(عدم مشاركة المهندسين المعماريين في منظومة "TUNEPS" خاصة بالنسبة إلى بناء قاعة العروض بطبرقة مثلا إلى جانب سرعة تهرأ البناءات مما يتطلب مراجعة البنية الأساسية بدور الثقافة والمكتبات العمومية والتي تشكو من تردّ اذ أنها غير متطابقة مع الظروف المناخية والطبيعية للجهة خصوصا المناطق الجبلية ذات المناخ الصعب مما أوجد مبان متداعية للسقوط وتهرأ في الشبكة الكهربائية)كما تحتاج المؤسسات الثقافية العمومية ومنها الأثرية إلى التوسعة اذ أضحت اليوم الحاجة مؤكّدة لتوسعة المسرح الأثري ببلاريجيا وترميمه باعتباره يحتضن مهرجان بلاريجيا الدولي وطاقة استيعابه محدودة لا تفي بالحاجة كما تعاني بعض الجهات من نقص في الفضاءات الثقافية(دور ثقافة جديدة،متاحف،مراكز ثقافية خاصة)ومسارح الهواء الطلق.
وفي ما يخص الإطار البشري بهذه المؤسسات من الضروري تعزيز الرصيد البشري والموارد البشرية بالمندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية(نقص في الإطار المختص في مجالات التنشيط وأعوان الحراسة والنظافة والصيانة والتقنيين)وتعزيز تكوين الأعوان من خلال خاصة برمجة محاور تكوينية ذات صلة بخصوصيات القطاع التنشيطية والبيداغوجية مع ضرورة تشريك تقنيي المؤسسات الثقافية بالجهة في التظاهرات الوطنية الكبرى وضمن تربصاتها التكوينية(ايام قرطاج السينمائية والمسرحية،مهرجاني قرطاج والحمّامات الدوليين..)وإعادة تفعيل دور المراكز الإقليمية للإعلامية لتكوين إطارات وأعوان المؤسسات الثقافية كما أن الضرورة تحتّم اليوم بعث مركز للدراسات والبحوث الثقافية لتأطير الفاعلين الثقافيين بآخر مستجدات البحث الثقافي الأكاديمي والميداني وبما يؤهّلهم لمواكبة التطورات الحاصلة في العلوم الثقافية وتوفير فرص جديدة لتبادل التجارب والخبرات مع المؤسسات التنشيطية المماثلة والإسهام في مزيد التعريف بالخصوصيات الثقافية المحلية وبسلم القيم الذي تنتجه ومن المهم وضع نظام داخلي يضبط قواعد العمل بالمؤسسة الثقافية مع ضرورة مراجعة توقيت العمل بالمؤسسات الثقافية عبر إصدار نص قانوني منظّم وعبر فتح آلية الإرشاد البيداغوجي للفاعل الثقافي.
ولان الفاعل الثقافي في نظرنا هو شريك أساسي بل هو جوهر عملية تطوير الفعل الثقافي والانخراط بصفة ذاتية أو موضوعية ذلك أن الفاعل الثقافي إن لم يجدّد آليات عمله سيشعر بالرتابة والنمطية وعليه ألاّ يستكين إليها بإعادة المراجعة الدورية لأساليب عمله بابتكارات جديدة حتى يظلّ فعله الثقافي حيّا متطورا ومتفاعلا مع محيطه باقتراح البدائل والبراعة في ابتكار نماذج وبرامج ريادية مرجعية وخاصة تحسين عنصر التكوين بالشكل الذي يتناسب مع مرحلة العمل ومزيد العناية برسكلة المؤطّرين وبالانفتاح أكثر على المحيط السوسيوثقافي عبر الشراكات والتشبيك التشاركي مع الفاعلين الثقافيين بالوزارات الأخرى لتبادل التجارب وفي صياغة المشاريع التنشيطية عند إنتاج المضامين حيث من المفترض أن يعتمد الفاعل الثقافي على الإعلامية كمحور أساسي في نوادي الاختصاص إلى جانب ضرورة تركيزه على محيطه الثقافي والاجتماعي في صياغة المضامين واستغلاله للفضاء الافتراضي للترويج والاستقطاب من أجل بناء مؤسسة ثقافية ذات مضامين راقية وبجودة عالية تواكب الحداثة وتصنع الحدث وفي تجدّد مستمر.