الصفحة 3 من 3
الانحياز إلى الموقف السعودي
وفي سياق العلاقات الخارجية لباريس، اختارت فرنسا الانحياز إلى جانب الموقف السعودي حتى لو أدى الأمر إلى تأثر العلاقات الفرنسية التركية.
وأكد رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية فخرالدين ألطون، الإثنين، رفض بلاده الاتهامات الموجهة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من قبل وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان بـ”التلاعب السياسي” فيما يتعلق بقضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وقال ألطون “اتهام وزير الخارجية الفرنسي لرئيس جمهوريتنا بـالتلاعب السياسي أمر غير مقبول”. وأضاف “تركيا تواصل جهودها من أجل كشف كل تفاصيل جريمة خاشقجي بما فيها الآمر بارتكاب الجريمة”.
وأكد أنّه لولا المساعي التركية الحازمة لتمّت التغطية على حادثة مقتل خاشقجي منذ زمن. وأوضح أنّ بلاده أطلعت في 24 أكتوبر الماضي، ممثلاً للاستخبارات الفرنسية على تسجيلات صوتية تتعلق بمقتل خاشقجي، قائلاً “كما قدمنا له معلومات مفصلة بينها تفاصيل التسجيلات الصوتية مكتوبة”. واستدرك قائلاً “إن كان التواصل مقطوعا بين المؤسسات الفرنسية فهذه مشكلة فرنسية وليست تركية”. وفيما تشدد باريس على ضرورة استمرار التحقيقات وقيام الرياض بتقديم الجناة إلى العدالة، تنتقد المنابر الصحفية الفرنسية سجل حقوق الإنسان في تركيا، لا سيما منذ محاولة الانقلاب العسكري في تركيا في يوليو من عام 2016، وخصوصا في ما يتعلق بملاحقة واضطهاد واعتقال الآلاف من المواطنين الأتراك، بمن فيهم صحافيون.
وترى باريس أن القضية في شكلها ومضمونها قد تم تسييسها والتلاعب بحقائقها على النحو الذي يخدم الأجندة التركية في ممارسة أقصى الضغوط ضد السعودية.
وتدرك باريس تماما حجم التناقض السياسي بين نظام الرئيس أردوغان في تركيا والأجندة السياسية السعودية منذ اعتلاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عرش الحكم.
وأيدت فرنسا وشجعت الخطوات التي قامت بها الرياض لمحاربة الانغلاق الديني والمجتمعي، وثمنت عاليا الإصلاحات التي قامت بها السعودية برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتخليص المجتمع من قبضة السلطة الدينية التقليدية في البلاد.
وغمزت الصحافية الفرنسية كريستين أوكرانت، التي صدر لها مؤخرا كتاب عن السعودية، في قضية مقتل خاشقجي، معتبرة أن الرئيس التركي “ليس بطلا في مجال حقوق الإنسان” وأنه يسعى لـ”منافسة السعودية على زعامة العالم السني”، وأنه اتخذ موقفا منحازا ومعاديا للسعودية منذ قضية مقاطعة قطر.
وفيما تساءلت أوكرانت عن ظروف عملية قتل خاشقجي وهوية من أعطى الأوامر في هذا الشأن، أكدت أن أردوغان يسعى لاستهداف ولي العهد السعودي واعتباره رأس الحربة لضرب الجماعات الإسلامية، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت أوكرانت إنه بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي السعودي إلا أن “ما فعله هذا الشاب (الأمير محمد) من إصلاحات اجتماعية داخل مجتمع مغلق يعتبر جريئا وشجاعا”.
وكان مصدر رئاسي فرنسي قد أعلن، السبت، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس، أن “المملكة العربية السعودية هي حجر الأساس في استقرار المنطقة”.
وأوضح المصدر أن موقف ترامب حول المملكة هو أن “هذا البلد هو حجر الأساس في المنطقة وشريك لأميركا ولا يجب تعريض استقراره لأي هزة”. واعتبر العديد من المراقبين أن موقف باريس وواشنطن يعبر عن الكيفية التي سيتعامل بها المجتمع الدولي برمته، وليس فقط الدول الغربية، مع قضية جريمة خاشقجي بما لا يعرّض السعودية إلى اهتزازات تعرض الاستقرار الإقليمي والدولي لأي أخطار.
وخسرأردوغان رهانه في استعادة موقعه داخل المجموعة الدولية وتطهير تاريخه من سلسلة التباسات أساءت إلى علاقات بلاده مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول عربية عديدة.
وينعطف الموقف الفرنسي على موقف أميركي ويضاف إلى مواقف غربية أخرى قللت من أهمية إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مسألة التسجيلات والتسريبات ومن إمكانية أن تشكل رأيا عاما دوليا معاديا للسعودية.