في لحظة فارقة من التاريخ السياسي لجزر المالديف، أعلن الرئيس محمد معز، اليوم الثلاثاء 15 أفريل 2025، مصادقته على قرار سيادي يقضي بمنع دخول الإسرائيليين إلى البلاد، في ردٍّ صريح ومباشر على المجازر والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في حقّ الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزّة.
مقالات ذات صلة:
تصعيد خطير: الحوثيون يعلنون استهداف تل أبيب وحاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر
نقل مباراة بشكتاش ومكابي تل أبيب إلى المجر وسط إجراءات أمنية مشددة
هجمات عنيفة ضد مشجعين إسرائيليين في أمستردام بعد مباراة أياكس ومكابي تل أبيب
البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية لم يترك مجالاً للتأويل:
"هذا القرار يأتي انسجامًا مع القيم الإنسانية والدستورية لجزر المالديف، ورفضًا قاطعًا للإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين. نُعلن موقفنا من قلب المحيط الهندي: لا أهلاً ولا سهلاً بمن تلطّخت أيديهم بدماء الأبرياء."
قرار سيادي بأبعاد رمزية وإنسانية
المالديف، الدولة ذات الأغلبية المسلمة والتي تُعدّ من أبرز الوجهات السياحية في العالم، وجّهت بهذا القرار رسالة تتجاوز الجغرافيا والدبلوماسية، لتُعلن أن لا سلام مع القتلة، ولا تسامح مع الاحتلال، حتى وإن لم تكن على حدود فلسطين.
وقد اعتبر محللون سياسيون هذا القرار خطوة نادرة وجريئة في زمن أصبح فيه التضامن مع فلسطين يُكلّف دولًا وشعوبًا الكثير من الضغوط والابتزاز الدولي. ومع ذلك، اختارت المالديف الاصطفاف إلى جانب الحق والتاريخ والعدالة، على حساب المصلحة الاقتصادية الآنية.
ليس أول موقف.. ولكنّه الأوضح
لم تكن هذه المرة الأولى التي تعبّر فيها المالديف عن موقفها من القضية الفلسطينية، لكنها المرّة الأولى التي تُجسّد فيها ذلك بموقف عملي له تبعات سياسية واضحة. فقد علّقت المالديف علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل منذ عقود، ولكن القرار الأخير يُعدّ نقلة نوعية ترسّخ القطيعة وترفع سقف الردّ.
ماذا بعد؟
في المقابل، سارعت وسائل إعلام إسرائيلية إلى انتقاد القرار، معتبرة إياه "تصرّفًا معاديًا للسامية"، في محاولة لتقزيم الفعل السياسي وتحريف مضمونه الأخلاقي. أما على المستوى الشعبي العربي والإسلامي، فقد لقي القرار إشادة واسعة، وامتلأت المنصات الإلكترونية برسائل الشكر والدعاء للمالديف، ونداءات للدول الأخرى لتحذو حذوها.
من السياحة إلى السيادة: المالديف تُعلّم العالم درسًا في الكرامة
لم تكن جزر المالديف بحاجة لهذا القرار لتثبت حضورها على الخريطة، لكنها اليوم سجّلت حضورًا على خريطة الضمير العالمي. في زمن تتراخى فيه المواقف وتُشترى فيه الصمت، رفعت المالديف راية الرفض، وذكّرت العالم بأنّ الإنسان، مهما كان موقعه أو حجمه، قادر على قول "لا" في وجه القهر.
هل نحن أمام بداية موجة جديدة من القرارات السيادية المناهضة للاحتلال؟ وهل تُشكّل المالديف شرارة لعزل دولي قد يمتد؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة... لكن الأكيد أن التاريخ لن ينسى هذا اليوم.