في اتصال هاتفي جرى يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025، بين رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تصاعدت حدة الخلافات حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل الأوضاع المتوترة في غزة. وقد أظهر هذا الاتصال الهوة الكبيرة بين المواقف الدولية والإسرائيلية بشأن حل الدولتين، وأعاد التركيز على مسألة المساعدات الإنسانية وحقوق المدنيين في القطاع.
مقالات ذات صلة:
غوتيريش يدق ناقوس الخطر: لا مكان آمن في غزة بعد قصف آخر مستشفى عامل
ترامب يضغط ونتنياهو يناور: مفترق خطير في مفاوضات غزة وسط جهود مصرية مكثفة
🔥 كاتس يهدد بجعل غزة "أصغر وأكثر عزلة": سياسة الأرض المحروقة والتهجير القسري تتواصل
نتنياهو: "دولة فلسطينية مكافأة للإرهاب"
فيما يبدو أنه تصعيد واضح في لغة الخطاب الإسرائيلي، شدد نتنياهو على معارضته الشديدة لفكرة إقامة دولة فلسطينية، قائلاً إنها ستكون "مكافأة كبيرة للإرهاب". هذا التصريح جاء في وقت تتعرض فيه غزة إلى قصف عنيف ومؤشرات متزايدة على تصعيد عسكري شامل في المنطقة. واعتبرت الحكومة الإسرائيلية أن هذا الموقف يعكس التزامها باستمرار السياسات التي تُبقي على الوضع القائم، حيث ترفض فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة في ظل "التهديدات الأمنية" التي يزعم الاحتلال أنها تشكلها الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
تعبير نتنياهو عن رفضه لإقامة دولة فلسطينية يتماشى مع سياسته الطويلة الأمد التي ترفض أي خطوة تؤدي إلى إقامة كيان فلسطيني مستقل. هذا الموقف يعكس إصرارًا على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، حيث تواصل إسرائيل بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، الأمر الذي يعتبره الفلسطينيون والمجتمع الدولي بمثابة عرقلة لحل النزاع.
ماكرون: دعوة للحل السياسي ووقف إطلاق النار
من جهته، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر تصالحية في موقفه، حيث أصر على ضرورة "إعطاء الحل السياسي فرصة"، مشيرًا إلى ضرورة دعم مسار حل الدولتين. وفي إشارة إلى الوضع الإنساني المأساوي في غزة، دعا ماكرون إلى وقف إطلاق النار بشكل عاجل من أجل توفير فرصة لحل النزاع سلمياً. التصريحات الفرنسية عكست الدعوات الأوروبية المتواصلة إلى تجنب التصعيد العسكري والتركيز على التفاوض من أجل إيجاد تسوية دائمة.
في هذا السياق، شدد ماكرون أيضًا على ضرورة فتح المعابر الإنسانية بين غزة وإسرائيل لتمكين المساعدات من الوصول إلى المدنيين الفلسطينيين المتضررين من الحصار والحروب المتتالية. وقد أصبحت قضية المساعدات الإنسانية واحدة من أبرز القضايا التي تثير القلق الدولي، حيث يتعرض أكثر من مليوني فلسطيني في غزة لظروف معيشية قاسية بسبب الحصار المستمر.
الوجه الإنساني في النزاع: معاناة المدنيين في غزة
ما بين التصريحات السياسية والتحركات العسكرية، تبقى مأساة المدنيين في غزة هي الصورة الأكثر تأثيرًا على الأرض. ومع استمرار القصف، يعاني السكان في القطاع من نقص حاد في الغذاء والدواء، فضلاً عن تدمير البنية التحتية الأساسية. وتشير التقارير الدولية إلى أن حوالي 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، بينما تزداد أعداد الضحايا في ظل عدم وجود أفق لحل سياسي.
تؤكد المنظمات الإنسانية على أن الوضع في غزة أصبح غير قابل للاستمرار في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر. كما أن الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل لإيقاف الهجمات وفتح المعابر أصبح يشكل تحديًا رئيسيًا في مواجهة السياسات الإسرائيلية القائمة.
التحديات المستقبلية
في الوقت الذي يُظهر فيه المجتمع الدولي إصرارًا على حل سياسي قائم على مبدأ "حل الدولتين"، لا تزال إسرائيل تتبنى سياسة تتجاهل هذا الحل بشكل قاطع. وعلى الرغم من الضغوط من مختلف الأطراف الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول العربية، فإن الحكومة الإسرائيلية تبدو عازمة على المضي قدمًا في سياساتها الأمنية والاستيطانية.
من ناحية أخرى، يظل الضغط الدولي على الفلسطينيين في غزة وحركة حماس يشكل جزءًا من الصورة المعقدة للنزاع. وتؤكد العوامل العسكرية والسياسية أن الوصول إلى تسوية سلمية قد يظل بعيد المنال في المستقبل المنظور.
إن التصعيد الأخير بين نتنياهو وماكرون يكشف عن تباين جوهري في المقاربات حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. في حين يرى ماكرون أنه لا بد من إعطاء الفرصة للحل السياسي وحماية المدنيين، يتبنى نتنياهو سياسة أكثر تشددًا تجاه أي خطوات تؤدي إلى اعتراف بإقامة دولة فلسطينية. يظل المستقبل غير واضح، في وقت يواصل فيه المدنيون في غزة دفع ثمن هذا الصراع المستمر، مما يثير تساؤلات حول فعالية الجهود الدولية للوصول إلى تسوية حقيقية.