الصفحة 2 من 4
فتاة أحلام الشباب
تميزت ماجدة بالقدرة على التعبير عن الفتاة العربية الرومانسية، ذات الوجه البريء واللطف الظاهر، ما جعلها تمثل فتاة أحلام الشباب خلال سنوات تألقها الفني.
وتنتمي الفنانة إلى أسرة متوسطة من مدينة طنطا، شمال غرب القاهرة، وهي من مواليد مايو 1931 واسمها الحقيقي عفاف علي الصباحي وحصلت على شهادة البكالوريا الفرنسية نهاية الأربعينات، وظهرت لأول مرة بدور صغير في فيلم “الناصح” بطولة إسماعيل ياسين ومن إخراج سيف الدين شوكت سنة 1949. ويقال إنها قبلت ذلك الدور سرا دون أن تخبر أسرتها حتى عرفت بالأمر من الصحف.
كان من المدهش أن الكاتب المصري الراحل إحسان عبدالقدوس، من أوائل من توقعوا موهبتها الإبداعية، وكتب عنها في مجلة “روز اليوسف” سنة 1949 مسميا إياها بـ”رحيق الشفق”، ثم قال “انتظروا بنت أحد كبار موظفي الدولة ستقوم ببطولة فيلم سينمائي جديد بجوار إسماعيل ياسين”.
وبدأ القراء يسألون عن هوية هذه البطلة ويرسلون له بعض الأسئلة والاستنتاجات، فاضطرت الفتاة في النهاية لمصارحة والدتها التي رفضت في البداية، لكن إصرار الابنة على احتراف الفن دفع الأسرة بعد ذلك إلى الرضوخ للأمر بشرط مصاحبة ابنتها في الأستوديوهات للاطمئنان عليها، ما دفع الصحافة بعد ذلك إلى إطلاق لقب “عذراء الشاشة” على الفنانة. ومثلت سنوات الخمسينات بداية تألق الموهبة لدى الفنانة من خلال أفلام “سيبوني أغني”، “ليلة الدخلة”، “دهب” و“البيت السعيد”.
وساهم صعود حركات التحرّر الوطني في العالم العربي في بزوغ نجم ماجدة الفني، خاصة بعد أن قدّمت أفلاما تاريخية وطنية وعربية مثل فيلم “مصطفى كامل” سنة 1953، والذي يحكي سيرة الزعيم الوطني المصري إبان الاحتلال البريطاني، فضلا عن أفلامها “بلال مؤذن الرسول” و”انتصار الإسلام” و”الله معنا” و”الإيمان” في الفترة نفسها.
كما قدّمت نموذجا للفتاة الشقية الرومانسية في أفلام “دعوني أعيش”، “بنات اليوم”، “في سبيل الحب” و”الآنسة حنفي”.
وكان أكثر ما ميز الأدوار التي قدّمتها قدرتها الكبيرة على تقمّص الشخصيات والتأثير في المشاهد، بمظهرها وأدائها الصوتي الممتزج بالبراءة والطفولية من خلال بحة لطيفة تتّسم بالدلع.
ومن المثير للإعجاب قدرتها على التحوّل من شخصية الطالبة المراهقة ابنة الأرستقراطية العتيدة إلى الفلاحة البسيطة أو بائعة الجرائد أو الصحافية المنتمية للطبقة الوسطى أو الفتاة المؤمنة بالإسلام والتي تدافع عن عقيدتها وتتحمل في سبيل ذلك صنوفا من التعذيب.
لا شك أن النجاح الكبير الذي حقّقته الفنانة خلال سنوات الخمسينات شجعها على التحوّل إلى إنتاج الأفلام السينمائية لتقدّم فيلمها التاريخي الشهير “جميلة” سنة 1958 الذي تناول تفاصيل الكفاح الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من خلال حكاية المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد من إخراج يوسف شاهين.
واعتبر الفيلم إرهاصة مبكرة لاستخدام فن السينما كإحدى أذرع القوى الناعمة ضد خصوم الخارج استنادا لحماس وولع الشعوب بالكفاح ضد الباطل ومقاومة الاحتلال والدفاع عن كرامة الأوطان.