5 وزارات قامت بإصدار منشور يقضي بمنع ترويج المياه المعبّأة دون ترخيص
تونس- حياة الغانمي
بعد انتشار مرض الكوليرا في الجزائر، برزت تخوفات في تونس من وصول الوباء الى بلادنا سيما وانه انتشر في الفترة الاخيرة باعة المياه غير المراقبة والمجهولة المصدر تحت عنوان انها مياه عين حلوة المذاق وصافية وغير ملوثة.
ولعل أكثر ما يثير شكوك التونسيين من احتمال التسبب بنشر الكوليرا في البلاد، بعد انتشار المرض في الجزائر، هي مياه الشرب المنقولة إلى أحيائهم، بعد انقطاع مياه الشرب الذي أدى إلى ارتفاع نسق، التجارية، بنسبة 43 في المائة وفق المعهد الوطني للاستهلاك.
وقد انتشر في المدة الاخيرة ما يسمى في تونس بـ"القرباجية" وهم أولئك الذين يبيعون الماء متجولين إما على متن سيارات"4٭ " او على متن عربات تجرها أحمرة وهم يجوبون المدن والشوارع وحتى الارياف متغنين بعذوبة المياه التي يعرضونها للبيع ..وقد انتشرت معهم العديد من الحكايات والتحذيرات ..وذهب البعض الى ان هذه المياه التي يبيعها القرباجية عذبة ومصدرها العين وهي انفع واضمن من مياه الحنفيية .وبناء عليه يخصص العديد ممن ترسخت لديهم هذه الفكرة ميزانية معتبرة لشراء الماء من الباعة المتجولين او" القرباجية "..
مياه الحنفية لا تسبب الامراض الوبائية
وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد صالح الغربي المختص في طب الكلى "إن مياه الحنفية مراقبة صحيا ولا مضرّة فيها وهي الأفضل للإنسان العادي الذي لا يشكو من مرض."كما أكد على عدم وجود أية علاقة بين شرب مياه الحنفية والإصابة بالامراض.. مضيفا أن المستهلك الذي لا يشكو من أي مرض ليس في حاجة إلى شرب مياه معدنية اصلا لأنه لا يوجد فرق من الناحية الصحية بين مياه الحنفية أو المياه المعدنية المعلبة لكن هناك حالات ينصح فيها الأطباء بتناول مياه معدنية على غرار وجود نوع من الحصى في الكلى والذي يتطلب تناول ماء معدني معين يساعد على اذابتها..
وحذر في الاطار نفسه من تلك المياه التي تباع عرضيا وقال انها مجهولة المصدر وغير مراقبة ويمكن ان تتسبب في العديد من المخاطر والاوبئة ..
وفي السياق ذاته افادنا مدير ادارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط التابعة لوزارة الصحة العمومية محمد الرابحي انه في اطار المحافظة على الصحة العامة والتصدي لبيع الماء في المدن والشوارع بصفة عشوائية تتولى فرق المراقبة الصحية القيام بحملات مراقبة مكثفة خاصة في الجهات التي تعرف انتشارا كبيرا لهذه الظاهرة وتقوم بحجز واتلاف كميات المياه التي تضبط لدى الباعة مع تحرير محاضر مخالفة في الغرض ليتم لاحقا تخطئة المدانين وتتبعهم قانونيا ..
وقد اكد الرابحي على ان تلك المياه مجهولة المصدر وغير مامونة وغير خاضعة للرقابة ,هذا بالاضافة الى كونها تباع في ظروف غير صحية فهي معرضة للغبار ولاشعة الشمس وموضوعة في اواعي غير صحية على غرار "البيدون" والقوارير المستعملة و غيرها , وهو ما يمكن ان يتسبب في العديد من الامراض على غرار امراض الكلى والاسهال وبعض الامراض المعدية ..
و قد افادنا انه تم في الفترة الاخيرة حجز كميات هامة من المياه التي كانت بحوزة باعة متجولين بجهة الوطن القبلي وقد اثبتت التحاليل التي اجريت عليها انذاك انها غير صحية ..وشدد على ضرورة الوعي بمدى خطورة شرب مياه مجهولة المصدر و حذر المواطنين من الانسياق وراء ما يروجه باعة المياه المتجولين خاصة وان هدفهم الاساسي هو تحقيق الربح باي ثمن دون الاخذ في عين الاعتبار صحة المواطن وما قد يشوبها من مخاطر جراء شرب تلك المياه التي يقولون عنها عذبة و حلوة و "مروية" الى غير ذلك .
عدم الإصابة بالكوليرا
و أشار مدير إدارة حفظ الصحة محمد الرابحي، إلى أنّ الوزارة أكدت أكثر من مرّة عدم تسجيل أي إصابة بالكوليرا. في المقابل، وضعت برنامجاً وقائياً لمراقبة كلّ المياه وطريقة تعليبها ونقلها أو حفظها، إلى جانب حجز أيّ مياه مجهولة المصدر توزع في الشوارع والأحياء وذلك بالتنسيق مع شرطة البلدية ووزارة التجارة. واكد أنّ كلّ الجهات المعنية ستتعامل مع المياه المعلبة وغير المراقبة أو تلك التي تنقل بطرق غير صحية تحت الشمس، وإتلاف كلّ الكميات المحجوزة. يتابع الرابحي أنّه جرى التنسيق أيضاً مع جميع الولاة في جميع اللولايات للتصدي للباعة العشوائيين للمياه ووحدات تصفية المياه غير القانونية.
وبالرغم من التحذيرات المستمرة لوزارة الصحة ووزارة التجارة من انتشار وتوزيع بعض المياه مجهولة المصدر، والتي تجلب من أعين غير مراقبة صحياً أو آبار منتشرة خصوصاً في الشمال الغربي، فإنّ تجارة تلك المياه ما زالت كبيرة في عدّة جهات تونسية خصوصاً في الأحياء الشعبية. يقول بائعو تلك المياه التي يقبل عليها الفقراء ممن لا يتمكنون من تحمل كلفة المياه المعدنية، إنّها مياه بعض العيون في جبال الشمال الغربي وهي بعيدة عن أيّ تلوث. وتشهد تلك المياه إقبالاً كبيراً من قبل السكان في بعض المناطق الداخلية لا سيما في ولايات الجنوب، نظراً للانقطاع المستمر لمياه الشرب، وانخفاض سعرها مقارنة بسعر المياه المعدنية المعلّبة، إذ يبلغ سعر الخمسة لترات من تلك المياه دينار ونصف.
وتحفظ المياه في خزانات بلاستيكية غير مخصصة، وتنقل في ظروف غير صحية على متن شاحنات، لمئات الكيلومترات تحت أشعة الشمس. لكن بالرغم من علم أغلب المواطنين بذلك إلاّ أنها تبقى حلاً بديلاً بالنسبة لهم للانقطاع المستمر للمياه خصوصاً في فصل الصيف.