صدمة الأسعار
شهدت أسعار الغذاء العالمية تصاعدا بالفعل قبل تفجر الأزمة الأوكرانية إلى جانب أسعار السلع الأساسية الأخرى، ويهدد الاضطراب الحالي بالمزيد من الصدمات في الأسعار مع تدافع البلدان المستوردة للحصول على الإمدادات في ظل اضطراب السوق.
وقد بدأت فعلا العديد من الدول ولاسيما الدول النامية تستشعر خطر انعدام الأمن الغذائي بعد يومين فقط على الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وفي البلدان غير المستقرة سياسيا مثل اليمن ولبنان قد تؤدي صدمات أسعار الغذاء الإضافية بسهولة إلى تدهور الوضع السيء بالفعل.
وفي العديد من البلدان الأخرى أيضا يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي إلى نشوب الصراعات وزيادة التوترات العرقية وزعزعة استقرار الحكومات وامتداد العنف عبر الحدود.
ويحذر خبراء من مغبة الاستخفاف بهذه السيناريوهات، حيث لم يمض سوى عقد من الزمن على انتفاضات الربيع العربي، التي كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية فيها بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة في تونس ومصر.
ويشكل ما حصل في كازاخستان عينة عن مدى السرعة التي يمكن أن يؤدي بها ارتفاع سعر السلع الأساسية إلى حصول اضطرابات. وقد تكون شكاوى السكان أوسع بكثير نتيجة تراكمات على مدى سنوات عديدة، ولكن غالبا ما تكون صدمة الأسعار هي التي تؤدي إلى نشوب الصراع. ويمكن أن يزيد الجوع من عدم المساواة الذي تنتج عنه توترات ويؤدي في الوقت نفسه إلى تطرف الحركات السياسية الجماهيرية.
وليس التدخل الروسي في الزراعة الأوكرانية أمرا جديدا؛ فقد أدت المجاعة المروعة التي تسببت فيها السياسات السوفييتية في أوكرانيا خلال ثلاثينات القرن الماضي (المعروفة باسم هولودومور والتي اعتبرها العديد من المؤرخين إبادة جماعية) إلى مقتل ما بين 4 و7 ملايين أوكراني.
وفي حين لعبت أسباب مختلفة دورا في المجاعة، تبرز الروابط بين حصص تسليم الحبوب القاسية التي فرضتها موسكو على المزارعين الأوكرانيين، والتجمع القسري، وترحيل المزارعين وقتلهم، والمجاعة العرقية الأوكرانية يصعب استبعادها.