مهمة مستحيلة للعائلات
لكن الخروج من أوكرانيا ليس سوى الخطوة الأولى. فقد قال العديد من الطلاب النيجيريين الذين وصلوا إلى بولندا والمجر إنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف العودة إلى ديارهم. وكانت التضحيات التي قدمتها عائلاتهم لإرسالهم إلى أوكرانيا تعني أنهم اضطروا إلى إيجاد طريقة (للتوقف عن مزاولة الدراسة ومن ثمة عدم نيلهم) شهاداتهم في أوروبا.
كان إيهيغاميسو غودفري يدرس اللغات في مدينة دنيبرو بشرق أوكرانيا على أمل أن يتمكن من إعالة والديه بعد التخرج.
وقال غودفري، البالغ من العمر 24 سنة، عبر واتساب من غرفة فندق تموّل إقامته فيها الكنيسة في لودز وسط بولندا “إن والدَيّ مزارعان يزرعان الكاسافا (نوع من الدقيق). لقد باعا كل شيء كي يرسلاني للدراسة في أوكرانيا”.
وتخطط الحكومة النيجيرية لإجلاء أكثر من 5 آلاف من مواطنيها من بولندا والمجر ورومانيا وأرسلت يوم الخميس طائرتين إلى وارسو وبوخارست. وقالت طالبة الطب أوغونيكا أولوانيفيمي التي سافرت بالحافلة والقطار لمدة أربعة أيام من جنوب شرق أوكرانيا إلى المجر “ينتظر البعض منا الحكومة النيجيرية لترتيب رحلة طيران، لكننا لا نعرف متى سيحدث ذلك. وأخذ آباؤنا في الوطن قروضا لإرسالنا إلى أوكرانيا. فكيف يمكننا أن نطلب منهم المال عندما نعلم أنهم مدينون بالفعل؟” ويدير والدا الطالبة البالغة من العمر 20 سنة مشروعا صغيرا في ولاية أوندو النيجيرية.
ويعتمد الكثيرون الآن على رحمة غرباء ولطفهم. وتساعد ناتاليا موفوتاو، وهي بولندية متزوجة من نيجيري، الأفارقة الذين تقطعت بهم السبل.
وقالت موفوتاو عبر الهاتف من العاصمة الفنلندية هلسنكي حيث تعيش “نحن نفعل كل شيء، من تنظيم الحافلات إلى نقلهم وتقديم معلومات الهجرة والترجمة على الحدود. ويمكن لبعض عائلات الطلبة إرسال القليل من المال، مثل حوالي 25 يورو. لكن ذلك لا يكفيهم للبقاء على قيد الحياة هنا، مما جعلنا نحاول جمع الأموال حتى نتمكن من إعالتهم”.
ولا يزال أديبيسي في شقته في سومي مع ثمانية أصدقاء نيجيريين آخرين، على أمل الحصول على المال حتى يضعوا خطّة عودة آمنة. وقال “إنه أمر مخيف، لا نعرف ماذا سيحدث في الساعات القادمة. سمعنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن أفارقة ماتوا وهم يحاولون عبور الحدود، بسبب البرد والإرهاق. ونرى صورا لأماكن زرناها في أوكرانيا دمّرت الآن بالقنابل. وينتابني شعور لا أتمناه لأحد”.