الصفحة 3 من 3
حل نهائي
تعرض الرئيس سلفا كير الفترة الماضية لحملات سياسية ضارية شككت في توجهاته نحو السلام، وأثرت على الدور الذي يقوم به في المفاوضات بين الخرطوم والجبهة الثورية السودانية، وألمحت بعض الجهات الإقليمية إلى سحب البساط من تحت قدميه بخصوص هذا الملف، باعتباره “غير جدير بالثقة”، والأولى به أن يتفاهم مع معارضيه، ويجد حلا نهائيا لأزمة حادة نخرت بنيان الدولة، وباتت تهدد مستقبلها.
يشعر كير بأنه أضحى في مفترق طرق؛ فإما أن يتفاهم مضطرا مع خصمه اللدود رياك مشار، وإما أن يتعرض لعقوبات دولية، كما تعرض مسؤولون في حكومته أخيرا، وربما تشمل جهات نافذة في الدولة، وتترتب على ذلك تداعيات سياسية، مثل سحب ملف الحوارات بين الجبهة الثورية، كممثلة للحركات المسلحة، والخرطوم، بما يضعف الثقة في إدارة جوبا، ويعمق جراحها في المنطقة، ففي الوقت الذي تتجه فيه معظم دولها إلى تسويات مرضية سوف يمثل سلفا كير لحنا سياسيا شاذا في هذا المجال، وتتسلط عليه أضواء الممانعة والتمرد والرفض، وربما العقوبات.
يبدو الاهتمام الدولي هذه المرة أكثر جدية، فقد أثارت الحرب الأهلية في جنوب السودان ذعر دوائر كثيرة، وحاولت تقديم مقاربات لوقفها، غير أنها لم تكن في غالبيتها جادة، واقتصرت على تهدئة الشق الإنساني، حيث سبب إزعاجا لبعض القيادات، وحتى قرارات مجلس الأمن والتلويح بفرض عقوبات لم تأخذ طابعا جديا يجبر طرفي النزاع على التجاوب مع جهود السلام، واعتمد كل منهما على قوى إقليمية تناصره، بشكل أسهم في تمديد الصراع.
تحتاج جملة المواقف الجديدة إلى درجة عالية من تحييد العناصر الإقليمية التي ارتاحت لصيغة التنافر بين كير ومشار، وتحديد الدول التي تغذي الصراع بصراحة ودون تلميحات، لأن سد المنافذ الخارجية أولى أدوات تحقيق السلام، خاصة أن لعبة الحرب بالوكالة التي برعت فيها بعض القوى وسادت
المنطقة لفترة بدأت تتقلص، فالأعباء الناجمة عنها أصبحت مكلفة. ولذلك سيرضخ كير ومشار للسلام للهروب من العقوبات.
محمد أبوالفضل
كاتب مصري