اختر لغتك

أمام تلعثم إسرائيل: روسيا تطوّع المحرقة لتبرير غزو أوكرانيا

أمام تلعثم إسرائيل: روسيا تطوّع المحرقة لتبرير غزو أوكرانيا

أمام تلعثم إسرائيل: روسيا تطوّع المحرقة لتبرير غزو أوكرانيا

الرئيس الروسي وصف قادة أوكرانيا بـ"الإرهابيين" و"النازيين الجدد" وهو توصيف استخدمه بوتين لتبرير هجومه على هذا البلد الأوروبي.

تل أبيب - وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة، القادة الحاليين لأوكرانيا بـ"الإرهابيين" و"النازيين الجدد"، وهو توصيف استخدمه بوتين مرارا في خطاباته الأخيرة لتبرير هجومه على هذا البلد الأوروبي، الذي يقوده رئيس يهودي فقدَ أقارب له في الهولوكوست.

ويرى مؤرخون أن استخدام بوتين للمحرقة اليهودية والنازية هو بمثابة تضليل وحيلة لتبرير تحركاته العسكرية، التي تعكس في واقع الأمر طموحات توسعية ورغبة في استعادة "أمجاد" الاتحاد السوفييتي.

وعلى الرغم مما تعتبره ذكرى مقدسة لستة ملايين يهودي قتلهم النازيون في الهولوكوست، تتعاطى إسرائيل بحذر مع الدعاية الروسية المضللة في سعيها لعدم تعريض علاقاتها الأمنية مع الكرملين إلى الخطر.

تعتبر الحرب العالمية الثانية، التي خسر فيها الاتحاد السوفييتي ما يقرب عن 27 مليون شخص، ركيزة أساسية لهوية روسيا الوطنية. وينتقد المسؤولون في روسيا اليوم أي تشكيك في دور الاتحاد السوفييتي.

ويقول بعض المؤرخين إن هذا اقترن بمحاولة من جانب روسيا لإعادة صياغة حقائق تاريخية معينة من الحرب، مشيرين إلى أن روسيا حاولت تضخيم الدور السوفييتي في هزيمة النازيين مع التقليل من شأن أي تعاون لمواطنين سوفييت في اضطهاد اليهود.


الحرب التي تعرفها روسيا

تحاول روسيا اليوم ربط أوكرانيا بالنازية، لاسيما أولئك الذين قادوا البلاد منذ الإطاحة بقيادة موالية لروسيا في العام 2014. ولهذا الربط خلفيات تاريخية تعود إلى عام 1941 عندما احتلت ألمانيا النازية أوكرانيا، التي كانت آنذاك جزءا من الاتحاد السوفييتي. ورحب بعض القوميين الأوكرانيين بالمحتلين النازيين، جزئيا كطريقة لتحدي خصومهم السوفييت، وفقا لـ"ياد فاشيم"، مركز الأبحاث الإسرائيلي في أحداث الهولوكوست.

وسعى بعض السياسيين في أوكرانيا منذ العام 2014 إلى تمجيد المقاتلين القوميين من تلك الحقبة، مع التركيز على معارضتهم للحكم السوفييتي بدلا من تعاونهم وتوثيق الجرائم ضد اليهود والبولنديين الذين يعيشون كذلك في أوكرانيا.
لكن الانتقال من ذلك إلى الادعاء بأن الحكومة الحالية لأوكرانيا هي دولة نازية لا يعكس واقع سياساتها التي تهدف في ما هو ظاهر إلى تعزيز الديمقراطية في البلاد، والحد من الفساد والاقتراب من الغرب.

يقول جوناثان ديكل تشين، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية في القدس "في ما يتعلق بالأجزاء المكونة للنازية من طموحات إقليمية، وإرهاب ترعاه الدولة، وتفشي معاداة السامية، وتعصب أعمى، ودكتاتورية، لا وجود لشيء من كل ذلك في أوكرانيا.. هذا مجرد خيال".

ويبدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتزازا بيهوديته، وسبق أن صرح بأن ثلاثة من أشقاء جده قتلوا على أيدي المحتلين الألمان بينما نجا جده من الحرب. ولم يمنع ذلك المسؤولين الروس من مقارنة زيلينسكي باليهود الذين أجبروا على التعاون مع النازيين خلال الهولوكوست.

وتعدّ محاولات بوتين تطويع التاريخ لدوافع سياسية جزءا من اتجاه شوهد في بلدان أخرى أيضا. وكانت الأبرز هي بولندا، حيث تروج السلطات لرواية قومية تتعارض مع ما أفضت إليه الدراسات السائدة، بما في ذلك من خلال قانون 2018 الذي ينظم خطاب الهولوكوست.

وسعى التشريع إلى الردّ على الادعاءات القائلة بأن بولندا، هي ضحية لألمانيا النازية، ولا تتحمل المسؤولية عن الهولوكوست. وأثار القانون غضب إسرائيل، حيث شعر الكثيرون بأنه كان محاولة لتبييض حقيقة أن بعض البولنديين قتلوا اليهود خلال الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية. كما عارض ياد فاشيم التشريع.

وترى هافي دريفوس، المؤرخة في جامعة تل أبيب وياد فاشيم، بأن العالم يتعامل اليوم مع إنكار الهولوكوست وتشويهه، حيث تقدم الدول أو المؤسسات تفسيراتها الخاصة للتاريخ والتي تضر بإحياء ذكرى هذه المحرقة.

وتشدد دريفوس على أن "كلّ من يتعامل مع فترة الهولوكوست يجب أن يلتزم أولا وقبل كل شيء بالواقع المعقد الذي كان سائدا آنذاك وليس بالحروب على الذاكرة الموجودة اليوم".


المصالح الإسرائيلية

يبقى الهولوكوست أمرا أساسيا للهوية القومية في إسرائيل التي يتوقف فيها النشاط لمدة دقيقتين يوم إحياء ذكرى المحرقة. وتُنظّم زيارات لتلاميذ المدارس ومجموعات من التجار والجنود دوريّا إلى متحف ياد فاشيم. وتتصدر باستمرار قصص أواخر الناجين من الهولوكوست الصفحات الأولى من الصحف.

ودأبت إسرائيل على الإشارة إلى بعض الدول، مثل بولندا، في ذكرى الهولوكوست. لكن إسرائيل بدت أكثر تحفظا في تحدي بوتين وروايته، وفقا لبعض المراقبين، بسبب مصالحها الأمنية الحالية. حيث تعتمد على التنسيق مع روسيا للسماح لها بضرب أهداف تقول إنها غالبا ما تكون مخابئ أسلحة مخصصة لأعداء إسرائيل في سوريا.

وتعرضت إسرائيل لانتقادات من المؤرخين في العام 2020 بعد خطاب ألقاه بوتين وعرض فيديو منفصل في اجتماع لقادة العالم في القدس لإحياء ذكرى تحرير معسكر الموت أوشفيتز، الذي قالوا إنه منحرف في روايته وبعيد عن حقائق التاريخ.

وحاولت إسرائيل عدم توجيه أي انتقادات إلى روسيا في الفترة التي سبقت الهجوم على أوكرانيا. وكتب المعلق رافيف دراكر في صحيفة هآرتس اليومية أن إسرائيل كانت "في الجانب الخطأ من التاريخ" في ردها، الذي سعى في البداية إلى دعم أوكرانيا دون إثارة قلق روسيا.

وندد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الخميس بالهجمات الروسية ووصفها بأنها "انتهاك خطير للنظام الدولي". لكن رئيس الوزراء نفتالي بينيت امتنع عن إصدار إدانة علنية للهجوم الروسي.

وتقول فيرا ميشلين شابير، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومؤلفة كتاب "فلويد روسيا"، وهو كتاب عن الهوية الوطنية للبلاد، إن مخاوف إسرائيل الأمنية كانت ذات أهمية أكبر من تحدي روسيا في روايتها.

وتضيف شابير أنه "يمكن لروسيا توفير أنظمة أسلحة لأسوأ أعدائنا، وبالتالي فإن إسرائيل تتقدم بحذر شديد لأن هناك قضية هنا في صميم أمن إسرائيل".

 

آخر الأخبار

إلياهو يدعو لتجويع غزة: فلْيأكلوا بعضهم!

إلياهو يدعو لتجويع غزة: فلْيأكلوا بعضهم!

شركة "إنتلسيا" تعلن عن خلق 800 فرصة عمل في تونس بحلول 2026: مركز جديد في البحيرة 2 لتوظيف الكفاءات الشابة:

شركة "إنتلسيا" تعلن عن خلق 800 فرصة عمل في تونس بحلول 2026: مركز جديد في البحيرة 2 لتوظيف الكفاءات الشابة

مسعد أبو طالب يكتب: المخدرات الرقمية... جرائم بلا قانون وتأثيرات بلا حدود

مسعد أبو طالب يكتب: المخدرات الرقمية... جرائم بلا قانون وتأثيرات بلا حدود

إسرائيل تهاجم مطار صنعاء بعد إنذار بالإخلاء.. والتصعيد يتفاقم في اليمن

إسرائيل تهاجم مطار صنعاء بعد إنذار بالإخلاء.. والتصعيد يتفاقم في اليمن

جيل السماعات.. دراسة تكشف صدمة: 68% من التونسيين يعيشون في دوامة ضجيج تهدد سمعهم وصحتهم النفسية!

جيل السماعات.. دراسة تكشف صدمة: 68% من التونسيين يعيشون في دوامة ضجيج تهدد سمعهم وصحتهم النفسية!

Please publish modules in offcanvas position.