الحرب التي تعرفها روسيا
تحاول روسيا اليوم ربط أوكرانيا بالنازية، لاسيما أولئك الذين قادوا البلاد منذ الإطاحة بقيادة موالية لروسيا في العام 2014. ولهذا الربط خلفيات تاريخية تعود إلى عام 1941 عندما احتلت ألمانيا النازية أوكرانيا، التي كانت آنذاك جزءا من الاتحاد السوفييتي. ورحب بعض القوميين الأوكرانيين بالمحتلين النازيين، جزئيا كطريقة لتحدي خصومهم السوفييت، وفقا لـ"ياد فاشيم"، مركز الأبحاث الإسرائيلي في أحداث الهولوكوست.
وسعى بعض السياسيين في أوكرانيا منذ العام 2014 إلى تمجيد المقاتلين القوميين من تلك الحقبة، مع التركيز على معارضتهم للحكم السوفييتي بدلا من تعاونهم وتوثيق الجرائم ضد اليهود والبولنديين الذين يعيشون كذلك في أوكرانيا.
لكن الانتقال من ذلك إلى الادعاء بأن الحكومة الحالية لأوكرانيا هي دولة نازية لا يعكس واقع سياساتها التي تهدف في ما هو ظاهر إلى تعزيز الديمقراطية في البلاد، والحد من الفساد والاقتراب من الغرب.
يقول جوناثان ديكل تشين، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية في القدس "في ما يتعلق بالأجزاء المكونة للنازية من طموحات إقليمية، وإرهاب ترعاه الدولة، وتفشي معاداة السامية، وتعصب أعمى، ودكتاتورية، لا وجود لشيء من كل ذلك في أوكرانيا.. هذا مجرد خيال".
ويبدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتزازا بيهوديته، وسبق أن صرح بأن ثلاثة من أشقاء جده قتلوا على أيدي المحتلين الألمان بينما نجا جده من الحرب. ولم يمنع ذلك المسؤولين الروس من مقارنة زيلينسكي باليهود الذين أجبروا على التعاون مع النازيين خلال الهولوكوست.
وتعدّ محاولات بوتين تطويع التاريخ لدوافع سياسية جزءا من اتجاه شوهد في بلدان أخرى أيضا. وكانت الأبرز هي بولندا، حيث تروج السلطات لرواية قومية تتعارض مع ما أفضت إليه الدراسات السائدة، بما في ذلك من خلال قانون 2018 الذي ينظم خطاب الهولوكوست.
وسعى التشريع إلى الردّ على الادعاءات القائلة بأن بولندا، هي ضحية لألمانيا النازية، ولا تتحمل المسؤولية عن الهولوكوست. وأثار القانون غضب إسرائيل، حيث شعر الكثيرون بأنه كان محاولة لتبييض حقيقة أن بعض البولنديين قتلوا اليهود خلال الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية. كما عارض ياد فاشيم التشريع.
وترى هافي دريفوس، المؤرخة في جامعة تل أبيب وياد فاشيم، بأن العالم يتعامل اليوم مع إنكار الهولوكوست وتشويهه، حيث تقدم الدول أو المؤسسات تفسيراتها الخاصة للتاريخ والتي تضر بإحياء ذكرى هذه المحرقة.
وتشدد دريفوس على أن "كلّ من يتعامل مع فترة الهولوكوست يجب أن يلتزم أولا وقبل كل شيء بالواقع المعقد الذي كان سائدا آنذاك وليس بالحروب على الذاكرة الموجودة اليوم".