الصفحة 2 من 3
اللغة الأمازيغية
في هذا السياق يلاحظ أن مظاهرات الحراك الشعبي قد طرحت من جديد قضية الثقافة الأمازيغية ورموزها كركن أساسي من أركان الهوية الوطنية الجزائرية وذلك جراء رفع الشبان والشابات للراية الثقافية الأمازيغية في مظاهرات أيام الجمعة للحراك الشعبي. ويلاحظ أنه في هذه الأثناء قد برزت مجموعات متطرفة ترفض رفع هذه الراية بحجة أنها تزاحم العلم الوطني وتهدّد البلاد بانفصال المنطقة الأمازيغية، كما ظهرت مجموعات أخرى دافعت ولا تزال تدافع عن الإرث الثقافي واللغوي الأمازيغي بما في ذلك هذه الراية باعتبارها علامة ثقافية أكثر مما تجسده من نزعة الانفصال أو ما ترمز به إلى تقسيم البلاد على أساس إثني بربري/ عربي، ولقد طفت إلى السطح عناصر متطرفة أخرى ترافع عن الهوية الأمازيغية على الأساس العرقي.
في هذا المناخ عادت قضية الثقافة الأمازيغية من جديد إلى الواجهة السياسية الجزائرية وإلى الأخذ والردّ على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي وكأن الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية والذي تم ترسيمه دستوريا لم يعد يقنع المنطقة الأمازيغية والناشطين في الميدان الثقافي الإثني والمدرسين الذين أوكلت إليهم مهمة تدريس هذه اللغة في المدارس وفي الجامعة.
إنه إلى حد الساعة لم تشهد اللغة الأمازيغية في الجزائر الترقية المطلوبة لإخراجها من الأفق الشفوي الضيق إلى فضاء الكتابة والتدوين والوظيفة الإدارية.
قضية الثقافة الأمازيغية عادت مجددا إلى الواجهة السياسية الجزائرية وإلى الأخذ والردّ في وسائل التواصل الاجتماعي
وفي الواقع فإن المشكلة التي تعرقل الثقافة الأمازيغية بشكل عام ولغة هذه الثقافة بشكل خاص تتمثل في تعقيد أمورهما من طرف السياسيين وفي إهمال النخب لهما، الأمر الذي خلق تعقيدات كثيرة ما فتئت تحول دون رص الجهود لتطويرهما.
ومما يؤسف له أن الأخطار المحدقة بثنائية اللغة والثقافة الأمازيغيتين لم تخضع للنقاش الجدي على مستوى النخب التعليمية الأكاديمية والإعلامية والثقافية والفكرية، ولم تلفت انتباه المسؤولين في مختلف مؤسسات الدولة وخاصة على مستوى جهازي وزارة الثقافة، والمنظومة التعليمية، والمحافظة السامية للغة الأمازيغية التابعة مباشرة لرئاسة الدولة منذ تـأسيسها في عام 1995 في عهد الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال، حيث حددت مهامها الأساسية في “ترقية وإدماج اللغة والثقافة الأمازيغيتين في النسيج التنموي والاجتماعي الجزائري”.
وتفيد التقارير ومعطيات الواقع أن هذه المحافظة السامية قد تمكنت منذ تأسيسها حتى الآن من “إدخال الأمازيغية في النظام التعليمي الأساسي والثانوي بمختلف المحافظات الجزائرية. وفتح فرع لشهادة البكالوريوس في الأمازيغية، وتكوين مئات الأساتذة الجامعيين، وتنظيم دورات تدريبية في مواضيع تهم القضية الأمازيغية، وتخصيص نشرات إخبارية بالأمازيغية في التلفزيون الجزائري، واستعمال اللغة الأمازيغية في النقاشات بمجلس الأمة (البرلمان الجزائري)”.