حرب باردة مُطورة
يقول المحلل السياسي التونسي المقيم في باريس، نزار الجليدي: «إن الحرب الباردة بين روسيا والغرب ستكون ساخنة جداً وحارقة»، مستعيناً بتصريحات نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي في تعليقه على الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على بقية دول العالم، والتي قال خلالها: «إن ما نشهده اليوم هو نسخة جديدة من الحرب الباردة، حرب باردة مطورة».
هذا التصريح يأتي في وقت تحدّدت أطراف تلك الحرب والتي ستكون مختلفة عن الحرب الباردة في الحقبة السوفيتية، حيث إنها عابرة للحدود، وحرب إثبات وجود ونفوذ.
ويتابع الجليدي: «إذا كانت الحرب الباردة سابقاً بين معسكر ليبرالي وآخر شيوعي، فإن الحرب الحالية بعيدة عن الأيديولوجيا والتسلح التقليدي والنووي، وهي حرب باردة تكاد تكون عالمية وستصبح كذلك في غضون أشهر مع ازدياد حاجة الدول إلى الغذاء والنفط».
بالنسبة لأفريقيا، فإن «عدداً من الدول في الساحل الأفريقي، وبسبب الحاجة الكبيرة للقمح الروسي، بدأت تُعدّل بوصلتها في اتجاه موسكو مبتعدة عن الحلف التقليدي والتاريخي لها مع أوروبا وأمريكا، اللتين بدأتا تخسران نفوذهما في عدد كبير من الدول الأفريقية والآسيوية لصالح الدبّ الروسي، ولعلّ الانسحاب الفرنسي من مالي خير مثال على ذلك، فضلاً عن الحضور الروسي الصيني اللافت في تلك الدول، وتغيير المعادلة التقليدية معها لتكون مبنية على سياسة الجزرة والعصا بدلاً من سياسة العصا فقط التي اكتوت بها لعقود من أوروبا والولايات المتحدة».
ومع امتداد أمد الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت تتشكل ملامح خارطة الحرب الباردة في أفريقيا وآسيا، حيث أصبح لروسيا عدد كبير من الدول المستعدة لاستبدال ثرواتها من اليورانيوم والذهب وغيره بالقمح، ومستعدة لقبول التعامل بالروبل الروسي والاستغناء عن الدولار واليورو، وفق الجليدي.
وفي المقابل، بدأت أوروبا والولايات المتحدة في خسارة دول أخرى مثل الجزائر، التي بدا واضحاً اصطفافها مع الجانب الروسي.