«إسكات البنادق».. كان ذلك هو الشعار الذي تبنّاه الاتحاد الأفريقي بغرض إنهاء الصراعات التي تمزق القارة السمراء، لكن المهمة تعثرت على نحو واضح في ظل الصراعات العنيفة التي تشهدها القارة، التي تمثل في الوقت نفسه ساحة لـ «حرب باردة جديدة»، طبقاً لوصف كبير الاقتصاديين في البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، هيبوليت فوفاك، في دراسة حديثة له، تحدث فيها عن حجم ما تواجهه القارة من «تنافس» أجنبي على أراضيها.
يقول هيبوليت فوفاك في دراسته التي حملت عنوان (فجر الحرب الباردة الثانية) ونشرها معهد بروكينغز الأمريكي قبيل أسابيع: «إن أفريقيا تشهد حروباً بالوكالة، وبدت كساحة للمعارك في ظل عمليات إعادة التموضع الجيوسياسي، ومع تواجد نحو 13 دولة أجنبية تنفذ عمليات عسكرية على أراضي القارة».
وقد جاءت العملية الروسية في أوكرانيا كاشفة عن بعض دلالات ما يمكن وصفه بـ «الحرب الباردة الجديدة» بين روسيا والغرب على المسرح الأفريقي، لجهة التنبيه إلى حجم النفوذ الروسي في القارة، نتيجة لسياسات ممتدة شهدتها السنوات الماضية لموسكو التي زاحمت دولاً أوروبية -لا سيما فرنسا في غرب أفريقيا والساحل- في مناطق نفوذها، وبشكل خاص في أفريقيا الوسطى ومالي وحتى تشاد.
وقد امتنعت 24 دولة أفريقية عن التصويت بالأمم المتحدة لإدانة العملية الروسية، كما أن دولة أفريقية (وهي إريتريا) كانت ضمن الدول التي صوّتت ضد القرار. كما شجعت تبعات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دولاً أفريقية على التقدّم خطوات نحو روسيا التي تمضي بخطى ثابتة لكسب جولات ضمن الحرب الباردة الثانية مع الغرب في القارة، ذلك لجهة حالة الذعر التي تنتاب العديد من الدول الأفريقية بشأن أمنها الغذائي، وإمدادات القمح الروسية.