الصفحة 1 من 5
اتفاق أنقرة مع حكومة الوفاق يشعل فتيل حرب دبلوماسية موازية لمعركة طرابلس.
يسجّل الشهر الأخير من عام 2019 تطورات هامة في ليبيا. ومن خلال نظرة سريعة على شريط الأحداث المتسارعة وعلى التصريحات والتصريحات المضادة لدى عدد كبير من الفاعلين الإقليميين والدوليين ولدى المعسكرين، يمكن ملاحظة أن الأزمة قد وصلت إلى منعطف حاسم، وتمهد لواقع جديد في المرحلة المقبلة، خاصة أن المسار السياسي ومائدة التفاوض يراوحان مكانهما، حيث حالة المبادرات والاتفاقيات الموقعة لا تدفع إلى التفاؤل وبلغت حدا لا يوجد معه أفق غير ما ستفرزه نتائج العمليات العسكرية والميدانية.
باريس - تعاني ليبيا من آفات ثلاث مجتمعة. لم تجد قضيتها الأولى الأمنية حلا بعد أن احتكرت الميليشيات دور الدولة وتحكّمت في رقبة العاصمة بالسلاح، فيما تراوح القضية الاقتصادية المتعلقة بتوزيع الثروة الليبية الاقتصادية مكانها بسبب تحالف غير معلن بين ميليشيات اقتصادية وميليشيات عسكرية. أفرز هذا التحالف بالنتيجة حالة من الاحتقان الجهوي والقبلي يفسّر الصراع حول السلطة وعوائد الدولة ومواردها.
أما القضية الثالثة، وبالرغم من أن القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة وروسيا والقوى الأوروبية والإقليمية، تدعو إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، فإن هذه الدعوات لم ترافقها أي خطوات عملية وتحركات فعلية تجبر الأطراف على ذلك، بل إن المواقف وتطوراتها الأخيرة أصبحت مرشّحة للتصعيد بين الفرقاء الإقليميين بعد اكتشاف الغاز في شرق المتوسط.
وزادت تركيا من وتيرة التوتر إثر اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع حكومة الوفاق في 28 نوفمبر. وهو الاتفاق الذي أدى إلى المساس بمصالح دول عديدة مثل اليونان وقبرص ومصر، وتصرفت أنقرة وطرابلس كأن هذه البلدان غير موجودة. وفي ظل التقاطع بين هذه العوامل الثلاثة، يبدو جليا أن معركة طرابلس، التي يقودها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، هي الكفيلة بتغيير مسار الأحداث في ليبيا.