الصفحة 3 من 5
عودة روسية جديدة
أدركت روسيا أن استمرار حالة التوازن العسكري بين الإخوة الأعداء، هو السبب الرئيسي في استمرار الأزمة، وأن حالة الانخراط المطلوبة من القوى الكبرى غير جدية، ويشوبها تردد بالغ وعدم الاهتمام فعليّا بحلحلة الأوضاع على الأرض، لذلك مضت موسكو قدما لاستعادة نفوذها السابق في ليبيا، ومن منطلق حصد بعض ثمار عودتها الضاغطة إلى الشرق الأوسط. ما يثير احتمال أن تصبح موسكو ورقة فاعلة في حسم مسار الصراع في ليبيا وتغيير مجرى الحرب، إن لم تكن قد بدأت فعليا في سد الفراغ الأميركي، أملا في فتح آفاق جديدة بمقدورها توسيع مجال التأثير الروسي بعد سوريا في السياسة المتوسطية.
تأمل موسكو من خلال حضورها القوي في إعادة وضع المشاريع الروسية – الليبية القديمة على الطاولة من جديد، بخاصة إعادة تنفيذ عقد شركة السكك الحديدية الروسية البالغ 2.2 مليار دولار، والخاص ببناء خط فائق السرعة على مسافة 550 كلم بين مدينتي سرت وبنغازي، ما يمكن أن يندرج ضمن مشروع إقليمي صيني – روسي لرواق حديدي شمال أفريقي يبدأ من الجزائر، وبالتالي تصبح ليبيا بوابة دخول رسمية للنفوذ الروسي إلى المغرب العربي.
وفي هذه المعادلة، تعتبر موسكو الجيش الليبي شريكا موثوقا به في مكافحة الجماعات المتطرفة، رغم أنها تقول إنها في نفس الوقت منفتحة على حكومة الوفاق للإمساك بعدة أوراق. من هنا، يمكن أن تمد ليبيا روسيا بأسباب المناورة في عملية الشد والجذب التي تدور بينها وبين دول الناتو، وهي حاليا تمثل ملفا حساسا يغذي الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.